هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[اشتقاق اسم الفاعل لغير ذي المعنى القائم به]

صفحة 395 - الجزء 1

[اشتقاق اسم الفاعل لغير ذي المعنى القائم به]

  مسألة: (في اشتقاق اسم الفاعل لغير ذي المعنى) القائم به⁣(⁣١)


(قوله): «مسألة في اشتقاق اسم الفاعل» قال الشريف: إنما قيد⁣[⁣١] بالفاعل لأن اسم المفعول يجوز فيه ذلك، وفيه بحث يظهر بالتأمل في الفرق بين معنيي مصدر المعلوم ومصدر المجهول. وأريد باسم الفاعل معناه المشهور أو ما يتناول الصفة المشبهة واسم التفضيل إذا كان للفاعل أيضاً.

(قوله): «لغير ذي المعنى القائم به» هذه العبارة أجود من قول ابن الحاجب: لا يشتق اسم الفاعل لشيء والفعل قائم بغيره؛ لاحتياجها إلى تأويل بأن المراد بالفعل - كما ذكره بعض أهل الحواشي - هو المشتق منه سواء كان معنى مصدرياً أم لا. قال: وقول ابن الحاجب: والفعل قائم بغيره احتراز عما إذا لم يكن المشتق منه قائماً بغيره بل كان قائماً بنفسه كالثمار والخمار فإنه يجوز إطلاق المشتق على شيء لم يقم مبدأ الاشتقاق به ولا بغيره فهذا مما لا نزاع فيه.


(١) في حاشية ما لفظه: المراد بالقيام أن يكون محلاً للفعل، وأصل الخلاف بين الفريقين أنهم اتفقوا على مخالفة الحنابلة فقالوا: إن الله خلق الكلام الذي سمعه موسى في الشجرة أو نحوها؛ لأنه يتعالى أن يكون محلاً للحوادث كالحروف لأجل قدمه، والقديم لا يكون محلاً للحادث، خلافاً للحنابلة فآمنوا بالآية على ظاهرها وقالوا: كلم الله موسى تكليماً حقيقة، ولا يلزم أن محل الحادث يجب أن يكون حادثاً لا قديماً، وبعد أن اتفقت الأشعرية والمعتزلة على أن محل الكلام الذي سمعه موسى الشجرة أو نحوها قالت المعتزلة: فنسند الكلام إلى خالقه حقيقة. وقالت الأشعرية: لا يجوز إسناده إلى غير محله حقيقة، وإنما يقال: متكلم باعتبار الكلام النفسي. اهـ المراد نقله.


[١] أقول هذا الكلام من المصنف - يعني ابن الحاجب - إشارة إلى أن في ضرب زيد عمراً لم يكن إلا صفة حقيقية⁣[⁣٠] وأنه الضرب القائم بالفاعل، ومضروبية عمرو ليست صفة حقيقية مغايرة لضرب زيد، بل ضرب زيد إذا نسب إلى المفعول بالعرض يقال له المضروبية، فمضروبية عمرو ليست إلا ضرب زيد له، وذلك كما يقال: حسن الغلام صفة لزيد؛ ولهذا أفرد المفعول الذي لم يسم فاعله عن عداد الفاعل وأفرده قسماً على حدة بناء على أن تعلق الفعل به ليس على جهة القيام به، وأخرجه عن تعريف الفاعل بقيد على جهة قيامه به، فلو كانت المضروبية صفة حقيقية كالضرب قائمة بالمفعول حقيقة لم يحسن إفراد مفعول ما لم يسم فاعله بالذكر، ولم يستقم إخراجه عن تعريف الفاعل بهذا القيد؛ إذ كما أن الضرب قائم بالفاعل كذلك المضروبية قائمة بالمفعول، وراعي هذه النكتة في تعريفي اسمي الفاعل والمفعول، فجعل نسبة الفعل إلى الفاعل على طريق القيام وإلى المفعول على طريق الوقوع، فهذا الكلام منه أيضاً مبني على هذه الدقيقة فتأمل. (ميرزاجان).

[٠] في حاشية ميرزاجان: إلا صفة حقيقية واحدة هي الضرب ... إلخ.

كونه صفة حقيقية إما بناء على أن الضرب عنده كيفية موجودة عيناً لا تأثيراً، فإن التأثير موجود كما هو المشهور عن الحكماء، ولا يذهب عليك أن توجيه الكلام لا يتوقف على ذلك، بل على تقدير كونه وصفاً اعتبارياً نقول: إن الضرب ليس له إلا معنى واحد هو صفة للفاعل، وليس المضروبية؛ إذ كون المفعول مضروباً أو كون الفاعل ضاربه معنى لفظ الضرب وإن كان وصفاً اعتبارياً قائماً بالمفعول على ما قيل: إن الوصف بحال المتعلق وإن كان وصفاً للمتعلق لكنه يصير منشأً لثبوت وصف اعتباري للموصوف وهو كون الموصوف متعلقه كذا، ولا شك أن هذا الوصف الاعتباري - وهو كونه كذا - ليس معنى الوصف المفروض كالحسن في حسن الغلام، وذلك ظاهر، وعند هذا ظهر الفرق بين المصدر المعلوم والمصدر المجهول واندفع البحث الذي ذكره قدس سره، وهذا الكلام - وهو استفادة أن ليس هاهنا إلا معنى واحد هو مصدر المبني للفاعل وليس للمفعول صفة أخرى غيره، بل ليس إلا ذلك الوصف اعتبر بالعرض بالقياس إلى المفعول من كلام ابن الحاجب - مما تفطن له بعض المحققين وأورده في تعليقاته على حاشية شرح المطالع، فتأمل جداً. (منه ح).