هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في ذكر العام]

صفحة 617 - الجزء 2

[عموم المفهوم]

  مسألة: اختلف في عموم المفهوم، فالجمهور على إثباته، ونفاه الغزالي.

  قيل: النزاع لفظي⁣(⁣١)، فمن فسره⁣(⁣٢) بما يستغرق في محل النطق لم يقل به، ومن فسره بما يستغرق في الجملة قال به. لا حقيقي؛ لأنه إن أريد ثبوت الحكم في جميع ما سوى المنطوق من صور وجود العلة في الموافقة وعدمها في المخالفة فلا يتصور النفي من القائل به كالغزالي، وإن أريد ثبوته فيها بالمنطوق فلا يتصور⁣(⁣٣) إثباته.

  والحق أنه حقيقي؛ لما ثبت من أن العموم من عوارض الألفاظ لا المعاني ولا الأفعال، وهذا ما أراد بقوله: (الخلاف في عموم المفهوم مبناه على الخلاف في كون العموم من عوارض المعاني) وهو ظاهر كلام المستصفى حيث قال: من يقول بالمفهوم قد يظن أن للمفهوم عموماً ويتمسك به⁣(⁣٤)، وفيه نظر؛ لأن العموم


(قوله): «قيل النزاع لفظي» ذكره ابن الحاجب.

(قوله): «في الجملة» أي: سواء كان في محل النطق أو لا في محله.

(قوله): «قال به» أي: جعل المفهوم عاماً؛ ضرورة أن الحكم ثبت في جميع ما سوى المنطوق من الصور.

(قوله): «لا حقيقي» عطف على لفظي.

(قوله): «فلا يتصور النفي» أي: نفي العموم من القائل به، أي: بالنفي.

(قوله): «فلا يتصور إثباته» أي: العموم؛ إذ ثبوت الحكم ليس بالمنطوق.


(١) ذكره ابن الحاجب وغيره. (شرح تحرير).

(*) الصواب في توجيه جعل النزاع لفظياً أن يقال: لا يترتب على هذا الخلاف فائدة بالنظر إلى إثبات الحكم تحليلاً وتحريماً؛ لأنه إن قيل: «في سائمة الغنم زكاة» اقتضى ذلك عدم الوجوب في كل معلوفة، وإلا نَقُل به فعدم الوجوب ثابت بالأصل لعدم الدليل عليه، فلم يتصور ما يكون محلاً للخلاف. (من خط قال فيه: اهـ شيخنا).

(٢) أي: العام. اهـ وقوله: لم يقل به ضرورة أنه ليس في محل النطق على ما سيجيء من أن المفهوم ما دل لا في محل النطق. (جواهر).

(٣) والحاصل أن الجميع اتفقوا على أن ثمة عموماً، وإنما النافي نفي أن يكون مستفاداً بالمنطوق. (من إفادة السيد هاشم بن يحيى الشامي |).

(٤) أي: بعمومه، وقوله: «وفيه نظر» أي: في أن له عموماً، وقوله: «لأن العموم» أي: لفظ العام لفظ أي: صفة لفظ. (شرح تحرير).