[مسألة: في جهات الترجيح بين القياسين بحسب الوصف]
[الترجيح بين القياسين]
  ولما فرغ من الكلام في الترجيح بين المنقولين أخذ في الترجيح بين المعقولين كقياسين والكلام فيه بحسب العلة نفسها أو بحسب دليلها أو بحسب دليل حكم الأصل أو بحسب الفرع في ثلاث مسائل، أما الترجيح بحسب العلة فقال فيه:
[مسألة: في جهات الترجيح بين القياسين بحسب الوصف]
  (مسألة: ويرجح الوصف الحقيقي) وهو الثبوتي الظاهر المنضبط المتعقل في نفسه من غير توقف على عرف أو شرع على مقابله(١) من الأوصاف كأن يكون حكماً شرعياً أو حكمة مجردة؛ للاتفاق عليه والاختلاف في مقابله
(قوله): «كقياسين» أتى بحرف التشبيه لأن من المعقول الاستدلال[١] كما ذكره في شرح المختصر.
(قوله): «والكلام فيه» مبتدأ، خبره قوله: في ثلاث مسائل. ولم يتعرض للترجيح بأمر خارج لأنه يعلم مما سبق مثلا، ويرجح القياس بعمل أهل المدينة ونحو ذلك.
(قوله): «وهو الثبوتي الظاهر المنضبط» فسر المؤلف # الحقيقي بالثبوتي، والأولى أن يفسر الحقيقي بما ليس وصفاً اعتبارياً، فيكون مقابل الحقيقي هو الاعتباري كما في شرح المختصر؛ إذ تفسيره بالثبوتي الظاهر المنضبط يقتضي أن يكون مقابله العدمي والخفي وغير المنضبط، وليس كذلك؛ فإنه سيأتي قريباً التصريح بها، ولذا لم يذكر هاهنا مقابلها اكتفاء بما سيأتي، بل اقتصر على ذكر مقابل القيد الآخر أعني قوله: المتعقل في نفسه، يعني الذي تكون مناسبته بالنظر إلى ذاته كالإسكار لا بالنظر إلى عرف أو شرع. وقوله: كأن يكون حكماً شرعياً مقابل لقوله: من غير توقف على عرف أو شرع، لكن قد تقدم في آخر مباحث العلة أن الحكم الشرعي قد يكون بمعنى الباعث على الحكم وأنه قد تثبت عليته بالمناسبة فيكون داخلا في الوصف الحقيقي؛ إذ مناسبته حينئذ بالنظر إلى ذاته فتأمل، وقد أغفل المؤلف # مثال المتوقف على العرف.
(قوله): «أو حكمة مجردة» ظاهره[٢] أنها خارجة؛ لأنها إما خفية أو غير منضبطة كالمشقة، لكن قد سبق أنها قد تكون ظاهرة منضبطة كحفظ العقل والنفس، فإذا كانت كذلك فالظاهر دخولها، ولعل المؤلف # أخرجها بناء على الأغلب، والله أعلم.
(١) وهو - أي: المقابل - أن يكون حكماً شرعياً؛ للاتفاق على تعليل الحكم بالوصف الحقيقي دون الحكم الشرعي، فإنه مختلف فيه، مثاله في مسح الرأس: مسح فلا يسن تثليثه كمسح الخف، مع قوله: فرض فيسن تثليثه كغسل الوجه، فإن القياس الأول لكون الوصف فيه حقيقياً أرجح من الآخر، لكون الوصف فيه حكماً شرعياً. (رفواً).
[١] الاستدلالان مثل قولنا: وجد السبب أو فقد المانع[٠] فيرجح أحدهما بالنظر إلى دليلهما ومدلولهما أو أمر خارج عنهما على قياس ما سبق في المنقول. (من حاشية السعد).
[٠] في المطبوع: وجد السبب والمانع. والمثبت من حاشية السعد.
[٢] يتأمل في هذا إن شاء الله. (شيخنا ح).