هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الأوامر]

صفحة 498 - الجزء 2

[هل الأمر بالشيء نهي عن ضده]

  مسألة: هل (الأمر⁣(⁣١) بالشيء) المعين⁣(⁣٢) نهي عن ضده أو يدل عليه⁣(⁣٣) أو لا⁣(⁣٤)؟

  فيه خلاف، وليس الخلاف في هذين المفهومين⁣(⁣٥)؛ لاختلافهما باختلاف الإضافة، فإن الأمر مضاف إلى الشيء والنهي مضاف إلى ضده، ولا في اللفظ؛ لأن


(قوله): «بالشيء المعين» إنما قال: بالشيء المعين ليدل على أن الخلاف في الجزئيات المعينة، بمعنى أن ما صدق عليه أنه أمر بشيء هل يصدق عليه أنه نهي عن ضده؛ إذ ليس الخلاف في هذين المفهومين؛ ولذا قال المؤلف #: وإنما الخلاف في أن الشيء المعين ... إلخ، فالمعين صفة⁣[⁣١] للشيء لا للأمر كما هو مقتضى ما في شرح الجمع.

(قوله): «أو يدل عليه» هكذا في شرح الفصول للشيخ العلامة، وأراد أو يدل عليه بالتضمن أو الالتزام، وكأنه مبني على أن من قال بأنه عين النهي عن ضده يقول بأنه هو لا بأنه يدل عليه.

(قوله): «في هذين المفهومين» أي: مفهوم الأمر بالشيء والنهي عن ضده.


(١) وفي جمع الجوامع وشرحه للمحلي: (أما) الأمر (اللفظي فليس عين النهي) اللفظي قطعاً (ولا يتضمنه على الأصح)، وقيل: يتضمنه، على معنى أنه إذا قيل: اسكن مثلاً فكأنه قيل: لا تتحرك أيضاً؛ لأنه لا يتحقق السكون بدون الكف عن التحرك.

(٢) لا المبهم كخصال الكفارة. (من شرح المحلي). وقال السبكي في شرح مختصر ابن الحاجب: وقوله في الكتاب: بشيء معين لفظة «معين» لا بد منها، والمراد الاحتراز بها عن الواجب الموسع والمخير، فإن الأمر بهما ليس نهياً عن الضد. اهـ منه. وفي التمهيد للأسنوي: ويشترط في كونه نهياً عن ضده أن يكون الواجب مضيقاً كما نقله شراح المحصول عن القاضي عبدالوهاب؛ لأنه لا بد أن ينتهي عن الترك المنهي عنه حين ورود النهي، ولا يتصور الانتهاء عن تركه إلا مع الإتيان بالمأمور به، فاستحال النهي مع كونه موسعاً. اهـ قلت: وقوله: لأنه لا بد أن ينتهي عن الترك ... إلخ» خروج إلى النقيض، والكلام في الضد.

(٣) قال في التحرير وشرحه التيسير: إن جماهير الشافعية والحنفية والمحدثين قائلون بأن الأمر بالشيء نهي عن ضده إن كان الضد واحداً، وإلا فعن الكل إن كان أكثر، وقيل: عن واحد غير معين منها، وهو بعيد جداً، وبأن النهي عن الشيء أمر بالضد إن كان واحداً، وإلا فبواحد غير معين إن كان أكثر، وقال بعض الحنفية والمحدثين بالكل، وفيه بعد. اهـ باختصار لطيف، والله أعلم.

(٤) يدل عليه (نسخة).

(٥) بل في معنييها، أي: الإيجاب والتحريم، ذكره أبو الحسين في المعتمد. (فصول بدائع).


[١] ينظر. (من خط السيد عبدالله الوزير). وقوله: «كما هو مقتضى ما في شرح الجمع» قد ضعفه السعد.