هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في ذكر العام]

صفحة 606 - الجزء 2

[عموم المقتضي]

  مسألة: اختلف في (المقتضي) بصيغة الفاعل⁣(⁣١) وهو ما لا يستقيم في العقل والشرع كلاماً إلا بتقدير⁣(⁣٢) وثمة أمور صالحة لاستقامة الكلام؛ فذهب السيد أبو طالب والإمام يحيى بن حمزة وكثير من الأصوليين كالشيخ أبي إسحاق والغزالي وابن السمعاني والرازي والآمدي وابن الحاجب⁣(⁣٣) إلى أنه (لا عموم له في المقتضيات) فلا تقدر كلها، بل يقدر واحد منها بدليل؛ فإن فقد الدليل كان مجملاً بينها.

  وذهب جمهور أصحابنا⁣(⁣٤) إلى أنه يعم المقتضيات، فتقدر كلها إلا ما خصه دليل⁣(⁣٥).

  مثال ذلك: قوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا


(قوله): «في المقتضي بصيغة اسم الفاعل» اختار المؤلف # كونه بصيغة اسم الفاعل كما في شرح المختصر لا بصيغة المفعول كما هو المشهور في عبارة القوم؛ وذلك لما ذكره في حواشيه من أن المقتضى على لفظ اسم المفعول كالملفوظ إن عاماً فعام وإن خاصاً فخاص؛ ولذا قال ابن الحاجب: أما إذا تعين أحدها بدليل كان كظهوره في العموم والخصوص. واعتمد ذلك المؤلف # حيث قال فيما يأتي: فإن تعين أحدها بدليل فكالملفوظ. وأيضاً ليصح إذا كان بصيغة اسم الفاعل تفسيره بما ذكره المؤلف # من أنه ما لا يستقيم في العقل والشرع كلاماً إلا بتقدير، وكذا ليصح أنه لا عموم له في الجميع بمعنى أنه لا تقدر جميع المحتملات لاستقامته.


(١) قال سعد الدين: إن ذلك خلاف المشهور، والمشهور في عبارة القوم «المقتضى» بصيغة اسم المفعول، وبهذا يشعر كلام الآمدي حيث قال: المقتضى وهو ما أضمر لضرورة صدق المتكلم. وعدل عنه المؤلف اقتفاء لابن الحاجب؛ لأن ما أضمر قد يكون عاماً على ما قد صرح به حيث قال: إن عاماً فعام والله أعلم. (من خط السيد حسين بن حسن الأخفش).

(٢) وذلك التقدير هو المقتضى بصيغة اسم المفعول. (عضد).

(٣) والسبكي في جمع الجوامع.

(٤) وحكاه القاضي عبدالوهاب عن أكثر المالكية والشافعية، واختاره النووي في الروضة في الطلاق فقال: والمختار لا يقع طلاق الناسي؛ لأن دلالة الاقتضاء عامة. (من بعض حواشي شرح المحلي).

(٥) كما أشار إليه ابن الإمام بقوله: فإن تعين أحدها ... إلخ.

(*) وفائدة الخلاف تظهر في طلاق الناسي ونكاحه ومشتراه وعقوبته وتضمينه ونحو ذلك، ذكر معناه في شرح الجمع.