[الكلام في إجماع العترة]
  والحق(١) أن الأدلة الشرعية كلها معرفات مبينات للأحكام الشرعية، ولا امتناع في اجتماع المعرفات والمبينات على مبيَّن واحد، وإنما الممتنع اجتماع العلل المؤثرة الحقيقية المستقلة على معلول واحد بالشخص.
  وعن الثاني: بأن الرد إلى الإجماع رد إلى الكتاب والسنة؛ لوجوب كون الإجماع مردوداً إليهما لكونهما سنده، فهما أصلان له، وبأن الآية دلت على عدم حجية الإجماع في الحكم المتنازع فيه(٢)، ولا تنازع فيما أُجْمِع عليه.
  (و) إن سلم ما ذكروه في الآيتين كان (غايته الظهور) والظاهر لا يقاوم القاطع.
[الكلام في إجماع العترة]
  مسألة: في ذكر الخلاف في إجماع العترة وأدلة الفريقين، فقالت الزيدية وأبو علي وأبو هاشم وأبو عبدالله البصري وغيرهم ورواية عن القاضي عبدالجبار: (وإجماع العترة حجة) والأكثرون على أنه ليس بحجة، والمختار هو الأول؛ لما عليه من الأدلة من الكتاب والسنة المتواترة، أما الكتاب فقوله: (بدليل) قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ) الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}[الأحزاب]، وجه الدلالة: أنه تعالى أخبر مؤكداً بالحصر بإرادته إذهاب الرجس عن أهل البيت وتطهيرهم تطهيراً تاماً، وما يريده الله تعالى من أفعاله
(قوله): «والحق» أي: الحق في الجواب أن الأدلة ... إلخ»، هذا إشارة إلى ضعف الجواب بكون كل واحد تبياناً على سبيل البدل كما ذكر صاحب الجواهر من أنه إن اجتمع تبيانية كل منهما يلزم أن لا تكون التبيانية على سبيل البدل، وإن لم يكن[١] اجتماعهما في التبيانية أصلاً يلزم أن يكون تبيانية كل منهما منافية لتبيانية الآخر، وقد سبق أن كون القرآن تبياناً لا ينافي كون غيره تبياناً، ثم قال: والحق أن الأدلة إلى آخر ما ذكره المؤلف #، والله أعلم.
(قوله): «وبأن الآية دلت على عدم حجية الإجماع في الحكم المتنازع فيه» هكذا في شرح المختصر، واعترضه في الجواهر بأنه يلزم أن لا يكون الإجماع حجة في الحكم المتنازع فيه أصلاً، واللازم باطل قطعاً؛ لأن القائلين بحجيته قائلون بحجيته في المتنازع فيه، فيلزم كونهم محجوجين من قبل المخالف[٢] بهذه الآية، ولأن الغرض من شرعية [وضع] الإجماع ليس إلا أن يكون حجة في المتنازع ويرتفع[٣] به النزاع، فإذا لم يكن الإجماع حجة في المتنازع فيه أصلاً عاد على موضوعه بالنقض، ثم قال: فالأولى في الجواب أن يقال: الرد إلى الإجماع رد إلى الكتاب إلى آخر ما ذكره المؤلف #.
[١] في المطبوع: يمكن. والمثبت من الجواهر. وفي هامش الجواهر على يكن: أي: يوجد.
[٢] لفظ الجواهر: فيلزم كونهم محجوجين بهذه الآية في المتنازع.
[٣] في المطبوع: ولا يرتفع، بزيادة (لا) والمثبت من الجواهر.