هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[المفهوم]

صفحة 102 - الجزء 3

  إلا مع من نفى المفهوم جملة⁣(⁣١)، وهو قول أبي حنيفة، فجعله أقوى من مفهوم الغاية، وهذا منه عجيب، فإنه حكى من مذهب صاحب الجوهرة ما يدل على أن مفهوم الغاية أقوى من مفهوم العدد؛ لأنه يعمل بمفهوم الغاية مطلقاً، وبمفهوم العدد إذا كان بياناً لمجمل كالصفة والشرط، وفيما عداه موضع اجتهاد.

  ثم إن الإمام الرازي والعلامة القرشي وغيرهما عملوا بمفهوم الشرط دون مفهوم العدد، والقاضي البيضاوي عمل بمفهوم الصفة دونه، ولذلك جعل القاضي عبدالوهاب بن السبكي الصفة سواء كانت مناسبة أو غير مناسبة أقوى من العدد.

  وأما النووي فقال: إن مفهوم العدد باطل عند الأصوليين⁣(⁣٢).

  والذي يترجح أن مفهوم العدد في مرتبة مفهوم الصفة.

[الاحتجاج على وجوب العمل بالمفهوم]

  (وهو) أي: المفهوم المذكور الذي هو مفهوم الصفة والشرط والغاية والعدد المختار أنه (معمول به) بالشرط المذكور⁣(⁣٣) (وإلا انتفت فائدة الذكر، ولما قال به أئمة اللغة) هاتان⁣(⁣٤) حجتان على وجوب العمل بهذه المفاهيم الأربعة جملة،


(قوله): «لأنه» أي: صاحب الجوهرة يعمل بمفهوم الغاية ... إلخ.

(قوله): «كالصفة والشرط» عند من أجاز أن يكون بياناً لمجمل.

(قوله): «مناسبة» كالسوم «أو غير مناسبة» كالعفر.


(١) أي: مفهوم المخالفة.

(٢) وتعقبه ابن الزمعة بأن مفهوم العدد هو العمدة عندنا في عدم تنقيص الحجارة في الاستنجاء عن الثلاث، والزيادة على ثلاثة أيام في خيار الشرط، وتعجب من النووي في قوله هذا، قال: ولعله سبق إليه الوهم من اللقب. (ابن أبي شريف).

(٣) يعني به قوله فيما سبق: حيث لا فائدة سوى التخصيص.

(٤) هذا الكلام وقوله في آخر البحث: وهاتان الحجتان عامتان لجميع المفهومات المعمول بها صريح في أن هاتين الحجتين عامتانا لجميع الأربعة المفاهيم، وأمثلة الحجة الثانية وقوله: إنما يكون قادحاً لو كان المدعى القطع بمفهوم الصفة إلخ وإيراد المعارضة بمذهب الأخفش يدل على اختصاص الحجة الثانية بمفهوم الصفة؛ إذ الأخفش لا ينفي سواه فانظره.