[الخلاف في جواز تقليد المفضول مع وجود الأفضل]
[الخلاف في جواز تقليد المفضول مع وجود الأفضل]
  (وفي) جواز تقليد (المفضول) مع وجود الأفضل(١) قولان: أحدهما: (الجواز) وهو مذهب أبي الحسين البصري(٢) (للوقوع بلا نكير) يعني: أنه اشتهر إفتاء المفضولين من الصحابة والتابعين من غير إنكار، ولقوله ÷: «بأيهم اقتديتم اهتديتم» لما خرج العوام بأنهم مقتدون بقي معمولاً به في المجتهدين من غير فصل بفضل (وقد يمنع) عدم الإنكار؛ لتخطئة بعضهم(٣) لبعض، وتخطئة المتبوع تستلزم تخطئة التابع، ولو سلم فإنما ترك لأنه لا يجب على العالم أن يبحث عن وجه اختيار العامي لفتوى هذا دون ذاك حتى ينكر عليه
(قوله): «وفي المفضول» الظاهر أنه عطف على قوله: وفي إفتاء غيره، ومقتضى العطف أن يكون المعنى في المتن وفي إفتاء المفضول، وليس كذلك؛ إذ المراد وفي جواز تقليد المفضول، ففي فهم التقليد من العطف خفاء إلا أن يقال باتحاد التقليد والاستفتاء أو يقال: أراد بالتقليد هنا الاستفتاء، فإن النظر في الفاضل والمفضول، والاستواء إنما هو قبل التقليد، وأما بعد التقليد فالكلام فيه هو البحث في جواز الانتقال، وسيأتي في آخر مسألة التزام مذهب معين.
(قوله): «مع وجود الأفضل» في حواشي الفصول: وجوده في البلد وبريده، قال في البيان: فإن لم يكن في ناحيته إلا عالم واحد تعين عليه سؤاله والعمل بقوله.
(قوله): «وهو مذهب أبي الحسين» وفي الفصول: وأبي طالب والبلخي والباقلاني والقاضي وابن الحاجب.
(قوله): «بأنهم مقتدون» أي: بأنهم هم المقتدون، كذا في شرح المختصر.
(قوله): «لتخطئة بعضهم لبعض» قد يقال: التخطئة ليس لكونه مفضولا، بل لعدم الإصابة؛ ولذا قال المؤلف #: ولو سلم ... إلخ.
(قوله): «ولو سلم فإنما ترك لأنه لا يجب ... إلخ» يرد على هذا ما ذكره الدواري من أن المعلوم أن في الصحابة من كان حاله مشتهرة في زيادة فضله وعلمه وورعه كأمير المؤمنين كرم الله وجهه وأبي بكر وعمر وابن مسعود ونحوهم، وأنه لم ينكر على من رجع إلى غيرهم.
(١) والخلاف في القطر الواحد؛ إذ لا خلاف في أنه لا يجب عليه تقليد أفضل أهل الدنيا، كذا ذكره الزركشي في شرحه[١].
(٢) واكثر الحنابلة كالقاضي وأبي الخطاب وصاحب الروضة، وقال الحنفية والمالكية وأكثر الشافعية (وأحمد وطائفة كثيرة من الفقهاء) متفقون (على المنع) كابن سريج والقفال والمروزي وابن السمعاني. (شرح تحرير).
(٣) وما صدر من الفتوى فإنما هو نقل منهم لأحكام ظواهر النصوص، ولم يكونوا يعدون العمل بها اجتهاداً؛ لأنهم لا يوجبون البحث عن معارضها حتى يظهر المعارض. (جلال).
[١] في المطبوع: في بحره. والمثبت من شرح التحرير.