(التصديقات)
(التصديقات)
  أي: هذا بحث التصديقات. ولما كان المقصود منه بالذات اكتساب المجهولات التصديقية ولا يكون إلا بالحجة وهي مؤلفة من القضايا(١) قدم مباحثها فقال: (القضية قول يحتمل الصدق والكذب) القول في عرف المنطقيين يقال للمركب سواء كان معقولاً(٢) أو ملفوظاً، فالتعريف يشمل
(قوله): «أي: هذا بحث التصديقات» فتكون التصديقات خبر مبتدأ محذوف؛ إذ المقصود الإخبار عن المشار إليه بها. وفي شرح التهذيب: التصديقات هي ما ذكره، فجعلها مبتدأ.
(قوله): «ولما كان المقصود[١]» أي: الغرض والفائدة «منه» أي: من بحث التصديقات اكتساب المجهولات التصديقية لتوقف مباحث الحجة عليه كما أن الغرض من بحث الكليات اكتساب المجهول التصوري بواسطة توقف القول الشارح عليه، ولعل فائدة زيادة قوله بالذات إخراج القياس الشعري فإنه لا يفيد تصديقاً، بل تأثيراً في النفس كما سيأتي، فهذا التأثير ليس مقصوداً بالذات من بحث التصديقات، بل هو مقصود تبعاً لما هو المقصود بالذات. لكن يرد أنهم جعلوه من أقسام الحجة كما سيأتي، وقد أطلقوا أن المقصود من الحجة اكتساب المجهول التصديقي، اللهم إلا أن يريدوا بالقول الآخر في تعريف القياس ما أفاد تصديقاً أو تخييلاً كما أشار إليه بعضهم.
وقد يقال: إن المؤلف # لم يقصد بتلك الزيادة الاحتراز، بل التنبيه على أن الغرض يصح أن يقال فيه: هو مقصود من العلم بالذات ومقصود في العلم تبعاً، ففرق بين ما هو المقصود من العلم وفي العلم كما ذكره في حواشي شرح المختصر في قوله في المبادي: لأن المقصود استنباط الأحكام[٢]، فتأمل.
(قوله): «يقال للمركب سواء كان معقولاً أو ملفوظاً»: يرد هاهنا ما أورده المؤلف # على تعريف القياس كما سيأتي من أن القول إن كان مشتركاً معنوياً ... إلخ، وترك المؤلف # ها هنا التعرض لذلك اكتفاء بما سيأتي، وقد أشار في حاشية شرح الشمسية هنا إلى الجواب الذي أجاب به المؤلف فيما يأتي.
(١) نحو: العالم مؤلف وكل مؤلف محدث.
(٢) يعني أن القضية تطلق تارة على القضية الملفوظة وتارة على القضية المعقولة إما بالاشتراك أو الحقيقة والمجاز، والثاني أولى؛ لأن المعتبر هو القضية المعقولة، وأما الملفوظة فإنما اعتبرت لدلالتها على المعقولة، فسميت قضية تسمية للدال باسم المدلول. (شريف).
[١] تأمل، فلعل في أول هذه القولة أعني قوله: ولما كان المقصود إلى قوله لتوقف مباحث سقطاً يظهر بالتأمل. (ح).
[٢] في حاشية الأبهري ما نصه: قوله: «لأن المقصود استنباط الأحكام» اعلم أن أصول الفقه علم آلي، والغرض منه استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها، والعلم الآلي حصول ذاته وأجزائه مقصود لطالبه كما أن حصول غرضه مقصود له؛ ولهذا قال ابن سينا في الإشارات: الغرض من المنطق أن يكون عند الإنسان آلة قانونية تعصم مراعاتها عن أن يضل في فكره، لكن حصول ذاته وأجزائه مقصود له بالذات وأولاً، وحصول الغرض مقصود له بالعرض وثانياً، كما أن طالب السكين لدفع العدو حصول السكين مقصود له أولاً ودفع العدو مقصود له ثانياً. ونبه في الشرح على هذا حيث جعل الاستنباط مقصوداً في موضعين من هذا الفصل، وغرضاً في موضع آخر منه، وجعل ما يتضمنه الكتاب غير المبادئ مقصوداً بالذات؛ لأنه عبارة عن المعلومات التي هي أجزاؤه ويتوصل بها إلى الاستنباط، وهي معرفة قواعد في نفس الاستنباط ومعرفة قواعد في الترجيح ومعرفة قواعد في الأدلة لا أنفسها. انتهى المراد نقله. (ح).