هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[التناقض]

صفحة 220 - الجزء 1

[أحكام القضايا]

  ولما فرغ من الكلام في أقسام القضايا⁣(⁣١) أخذ في أحكامها، وفيها ثلاثة مباحث: أولها: التناقض. وثانيها: العكس المستوي. وثالثها: عكس النقيض. وقدم التناقض على الآخرين لتوقفهما⁣(⁣٢) عليه فقال:

[التناقض]

  (التناقض⁣(⁣٣): اختلاف القضيتين بحيث يلزم لذاته من صدق كلٍّ كذب الأخرى وبالعكس⁣(⁣٤)) لما كان المراد هنا تناقض القضايا قيد الاختلاف بالقضيتين، وإلا فإن التناقض يقع بين المفردات، وبقية الحد يخرج


(قوله): «وقدم التناقض على الآخرين لتوقفهما عليه» أي: على التناقض؛ وذلك لأنه سيأتي في العكس المستوي وعكس النقيض قولهم في بعض القضايا: لو لم تنعكس لصدق نقيضها، كما ستعرف ذلك، فقد توقفا على معرفة النقيض، فلذا قدم مباحثه.

(قوله): «لما كان المراد هنا تناقض القضايا» إذ الكلام في أحكامها، وأما تناقض المفردات الواقعة في أطراف القضايا فيعرف بالمقايسة، فلا حاجة إلى إدراجه في تعريف التناقض هاهنا، ذكره الشريف في حاشية شرح الشمسية.

(قوله): «وإلا فإن التناقض يقع بين المفردات» وقد صرحوا بذلك فإنهم يذكرون نقائض أطراف القضايا كقولهم في عكس النقيض: تبديل نقيضي الطرفين، وكما في مباحث النسب الأربع فإنهم يذكرون نقيضي المتساويين وغيرهما =


(١) أي: الحملية والشرطية إلى متصلة اتفاقية ولزومية، وإلى منفصلة عنادية واتفاقية.

(٢) أما توقف عكس النقيض فظاهر، وأما توقف العكس المستوي فلما يأتي من أنه لو لم يصدق لصدق نقيضه.

(٣) التناقض من أحكام القضايا ومباحثها المحتاج إلى معرفته لتوقف رد الأشكال الثلاثة الأخيرة إلى الأول على العكس، وتوقف القطع بصحة العكس على إبطال نقيضه، وهو المسمى بقياس الخلف كما ستعرف؛ ولهذا قدمه على العكس. وأيضاً لما كان الدليل قد لا يقوم على صدق المطلوب ابتداء، بل إما على إبطال نقيض المطلوب ويلزمه صدقه، وإما على تحقيق ملزوم صدق المطلوب، وهو ما يكون المطلوب عكسه فيلزم صدقه؛ فلذا احتيج إلى بيان النقيض والعكس.

(٤) قوله: «وبالعكس» زائد لا حاجة إليه؛ إذ هو مندرج في قوله: من صدق كلٍّ كذب الأخرى؛ لأن المراد من لفظة (كل) وكذا من لفظة (الأخرى) أعم من الأصل والنقيض معاً. نعم، لو قال: بحيث يلزم لذاته من صدق هذه القضية كذب الأخرى لاحتاج إلى ذكر قوله: وبالعكس. (شرح شيرازي).