هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[هل النقص من العبادة نسخ لها]

صفحة 231 - الجزء 3

[هل النقص من العبادة نسخ لها]

  (وإن نقص أحدهما⁣(⁣١) فنسخ له) يعني أنه إذا نقص شطر العبادة أو شرطها فهو نسخ لذلك الناقص بلا خلاف (قيل: و) هو أيضاً نسخ (للباقي) وهو العبادة المنقوص جزؤها أو شرطها (وقيل:) إنه يكون نسخاً (في الشطر) أي: الجزء، فإذا سقط جزء من العبادة كركعة أو ركوع كان نسخاً لها، وإن كان المسقط شرطاً كالطهارة والنية والاستقبال لم يكن نسخاً، وهذا مذهب القاضي عبدالجبار، وإليه يميل كلام السيد أبي طالب في المجزي، ووافقه الغزالي في الجزء وتردد في الشرط.

  واعلم أنها قد اختلفت كلمتهم في موضع الخلاف من الشروط، فكلام أبي الحسين في المعتمد يقضي بالفصل بين الشرط المتصل والمنفصل، فنقل عن القاضي عبدالجبار إلحاق الشرط المتصل بالجزء فقال: إنه يقول بأن نسخ التوجه إلى بيت المقدس نسخ للصلاة، وكلام أبي طالب في المجزي يقضي بعدم الفصل


(١) في الاستعداد للموزعي: اختلف الناس في النسخ برفع بعض العبادة، فذهب بعضهم إلى أن رفع بعض العبادة كرفعها جميعاً، ومنهم من قال: إن كان بعضاً من العبادة كالركوع والسجود من الصلاة كان نسخاً لها، وإن كان شيئاً منفصلا كالطهارة لم يكن نسخاً، وهو قول القاضي عبدالجبار، ومنهم من قال: إن كان ذلك مما لا تجزي العبادة قبل النسخ إلا به كان نسخاً سواء كان جزاءً منها أو منفصلا عنها، وإن كان مما تجزي العبادة دونه كدعاء التوجه والاستفتاح لم يكن نسخاً لها، ومذهبنا عدم النسخ مطلقاً، وبه يقول الكرخي وفخر الدين الرازي، والدليل أنه لو كان نسخاً لها لما وجب باقيها إلا بدليل آخر يدل على وجوب باقيها، وهو غير واجب إجماعاً. وتظهر فائدة الخلاف في أن الباقي بعد المنسوخ هل هو ثابت بالأمر الأول فهو لم ينسخ، أو بالأمر الثاني وتكون العبادة الأولى قد ارتفعت لارتفاع جزئها وخلفها عبادة أخرى بالأمر الناسخ، فعلى قولهم يكون نسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة نسخاً لأصل الصلاة وإيجاباً لصلاة أخرى تقوم مقامها، وعلى قولنا يكون نسخاً لصفتها لا لها، وهو حق إن شاء الله تعالى. اهـ يعني كونها ثنائية ثلاثية مثلا.