هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام فيما إذا اختلف المجتهدون على قولين هل يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث]

صفحة 196 - الجزء 2

[الكلام فيما إذا اختلف المجتهدون على قولين هل يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث]

  مسألة: إذا تكلم المجتهدون⁣(⁣١) في مسألة واختلفوا فيها على قولين أو أقوال فهل لمن بعدهم من المجتهدين إحداث قول آخر في تلك المسألة؟ فيه ثلاثة مذاهب: أولها: المنع مطلقاً، وهو قول الأكثر، منهم أبو طالب والمؤيد بالله في أحد قوليه وأبو علي وأبو هاشم وأبو الحسن الكرخي وأبو عبدالله البصري، وإليه ذهبت الإمامية؛ بناء على أصلهم أن الإمام في إحدى الفئتين، فالمحدث للثالث مخطئ وإن فصًّل⁣(⁣٢).

  وثانيها: الجواز مطلقاً، وهو قول أصحاب الظاهر وبعض المتكلمين وأحد قولي المؤيد بالله.


(قوله): «إذا تكلم المجتهدون في مسألة» قيد بذلك لأن إحداث قول ثالث غير رافع في مسألتين متفق عليه كما ذكره ابن الحاجب وشراح كلامه، وسننقل بيانه إن شاء الله تعالى. وأما صاحب الفصول فقد أثبت الخلاف في المسألتين حيث قال: وإذا اختلفت الأمة على قولين في مسألة أو مسألتين ... إلى آخر كلامه.

(قوله): «الاختلاف على قولين مثلاً» أشار بهذا إلى أن الاقتصار على قولين لكونهما أقل المراتب، وإلا فالاختلاف في أكثر يأتي فيه هذا التفصيل.


(١) قال في التحرير وشرحه التيسير في مسألة الاختلاف على قولين هل يجوز إحداث قول ثالث أم لا في مختاره - أي: ابن الهمام فيها - ما لفظه: (ولنا) على المختار، وهو عدم جواز إحداث الثالث مطلقاً: (لو جاز التفصيل كان) جوازه (مع العلم بخطئه) أي: التفصيل (لأنه) أي: التفصيل لا عن دليل ممتنع، فهو (عن دليل)، وحينئذ (فإن اطلعوا) أي: المطلقون (عليه) أي: على ذلك الدليل (وتركوه أو لم يطلعوا) عليه (حتى تقرر إجماعهم على خلافه) وهو الإطلاق وعدم التفصيل (لزم خطؤه) أي: ذلك الدليل (إذ لو كان) ذلك الدليل (صواباً) لزم أن المطلقين وهم جميع مجتهدي العصر السابق (أخطأوا) بترك العمل به علموه أو جهلوه، (والتالي) أي: خطأهم (منتف) وإلا يلزم اجتماع الأمة في ذلك العصر على الضلالة (فليس) دليل التفصيل (صواباً)، وإذا كان دليل التفصيل خطأ فدليل من يحدث ثالثاً بلا تفصيل أولى بالخطأ؛ إذ في التفصيل موافقة لكل من القولين في شيء، وقد عرفت. (والمانع) من إحداث القول الثالث (لم ينحصر في المخالفة) لما أجمع عليه؛ لجواز أن يكون مانعه العلم بأنه لو صح لزم خطأ الكل لما عرفت (مع أنا نعلم أن المطلق) من الفريقين (ينفي التفصيل) لأنه يقول: الحق ما ذهبت إليه لا غير (فتضمنه) أي: نفي التفصيل (إطلاقه) أي: المطلق، فيكون بمنزلة التنصيص على نفي التفصيل من الكل.

(٢) وأخذ من كل قول بطرف.