هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في جواز النسخ قبل إمكان الفعل]

صفحة 144 - الجزء 3

[مسألة: في جواز النسخ قبل إمكان الفعل]

  مسألة: اختلف في جواز النسخ قبل التمكن من فعل المنسوخ، بأن يمضي بعد وصول الأمر إلى المكلف زمان يسع الفعل من وقته المقدر له شرعاً، ولا يكفي ما يسع جزءاً منه، فكل من النسخ قبل دخول وقته أو بعده قبل مضي ذلك القدر محل النزاع، فالجمهور من الأشعرية وبعض الفقهاء على جوازه، والمختار عند أئمتنا $ والمعتزلة أنه (يمتنع⁣(⁣١) النسخ قبل الإمكان) وبه قال الصيرفي من الشافعية، وهو محكي عن أكثر الحنفية⁣(⁣٢) والحنابلة؛ وذلك (للزوم البداء⁣(⁣٣) أو العبث) يعني لو صح نسخ الشيء قبل إمكان فعله لكان نهياً عن نفس ما أمر به أو أمراً بنفس ما نهى عنه، فإن كان ذلك لأنه ظهر له من بعد القبح أو الحسن كان بداء، وإن كان لأنه لم يظهر له شيء من ذلك كان عبثاً وتجهيلاً، والكل على الله محال.

  لا يقال: إن ذلك يشتمل على فائدة التكليف التي هي الابتلاء، فيصير مطيعاً


(قوله): «بأن يمضي» متعلق بالتمكن.

(قوله): «من وقته» متصل بزمان وصفاً له، والضمير للفعل.

(قوله): «المقدر له شرعاً» وهذا بناء على أن النزاع إنما هو فيما قبل الوقت الذي قدره الشارح للفعل لا في وقت مباشرة الفعل كما ذكره السعد؛ فلذا لم يتعرض المؤلف # للمطلق، وقد بنى المؤلف # أيضاً على ما ذكره السعد فيما يأتي جواباً عن شبهة المخالف حيث قال: وهذا غير النزاع؛ لأن النزاع في وقوعه قبل الوقت الذي قدره الشارع إلى آخره، وسيأتي إن شاء الله للمقام زيادة بيان.


(١) فلا يصح ولا يجوز أن يقول صلوا ركعتين ثم يقول: لا تصلوا ركعتين قبل مضي وقت يسعهما؛ لأنه لو صح ذلك وجاز لكان نهياً عن نفس ما أمر به أو أمراً بنفس ما نهى عنه إلى آخر ما هنا. (شرح طبري على الكافل).

(٢) عبارة منية اللبيب: فمنع منه أصحابنا وجماهير المعتزلة وأبو بكر الصيرفي من أصحاب الشافعي وبعض الحنابلة، وجوزه الحنابلة وأكثر الشافعية.

(*) إنما قولهم بنفي البداء، لا النسخ قبل الفعل فجائز. لا يرد ما ذكره على الحنفية؛ إذ المراد بأكثر الحنفية الماتريدية، وهم ممن يقول بالتحسين والتقبيح العقليين.

(٣) يمد ويقصر. (أسنوي).