هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[بيان الترجيح بين الأمارات الموصلة إلى التصديقات الشرعية]

صفحة 657 - الجزء 3

[بيان الترجيح بين الأمارات الموصلة إلى التصديقات الشرعية]

  ولما فرغ من التعادل وبيان ما يصح فيه وما لا يصح فيه أخذ في بيان الترجيح بين الأمارات الموصلة إلى التصديقات الشرعية، وهو ثلاثة أقسام؛ لأنه إما بين منقولين أو معقولين⁣(⁣١) أو مختلفين، والكلام في ترجيح الحدود وإن كان خليقاً بالتقديم على الكلام في ترجيح الأدلة الظنية - لأن الأول يوصل إلى التصور والثاني إلى التصديق، والتصور مقدم على التصديق طبعاً فليقدم عليه وضعاً - لكن لما كان الغرض الأهم في هذا الفن هو الكلام على ترجيحات الأدلة لكونه أكثر في المباحثات الفقهية من الحدود وأشد حاجة قدم الكلام فيها.

  واعلم أن التعارض يكون في نوع واحد كظاهرين من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو المعقول، ويكون في نوعين، وقد اقتصر في المختصر على ذكر المتفقين إلا في المعقول والمنقول لمعرفة تقديم ما يقدم منهما مما سبق ومما يأتي إن شاء الله تعالى، وينبغي أن يشار في الشرح إلى شيء من ذلك إشارة خفيفة تسهيلاً على


(قوله): «أو معقولين» جعل القياس معقولا وإن كان ثبوت حجيته بالشرع نظراً إلى أن التصرف بإلحاق الفرع بالأصل للعلة الجامعة بنيهما إنما هو للعقل.

(قوله): «والكلام في ترجيح الحدود» مبتدأ، وينظر أين الخبر فيما بعده، ولعله ما دل عليه قوله: وإن كان خليقاً ... إلخ.

(قوله): «أو المعقول» لعله عطف على قوله: ظاهرين⁣[⁣١]؛ ليكون المعنى في نوع واحد كالمعقول، ولو قال: أو المعقولين لكان أولى.

(قوله): «إلا في المنقول والمعقول» فإنه ذكر التعارض بين المنقول والمعقول وهما مختلفان، وينظر في الاستثناء هل يستقيم فيه الانقطاع؟

(قوله): «لمعرفة» علة للاقتصار على المتفقين.

(قوله): «ما يقدم منها» أي: من المختلفات، فيعود الضمير إلى ما يفهم من السياق المتقدم؛ لأن قوله: على ذكر المتفقين أي لا المختلفين.

(قوله): «ومما يأتي» في الترجيح، فإنه سيشير في المتن إلى أشياء يعرف بها وجه تقديم ما يقدم من المختلفين، وفي الشرح أيضاً حيث قال: فنقول ... إلخ.

(قوله): «إلى شيء من ذلك» الإشارة إلى التعارض في المختلفين المدلول عليه كما عرفت.


(١) فإن قيل: كيف عد القياس من العقلي وقد مر أنه من الأدلة الشرعية؟ فالجواب أن ثبوت حجية القياس بالشرع، وأما إلحاق هذا الفرع بذلك الأصل مثلاً فهو بقضية العقل، وهو المراد هنا، والله أعلم.


[١] هو عطف على الكتاب والسنة فتأمل. (ح عن خط شيخه).