[وقوع المجاز في اللغة]
[وقوع المجاز في اللغة]
  ولما فرغ من الكلام في الحقائق عقبها بمسائل تتعلق بالمجاز فقال:
  مسألة: (و) المختار أن (المجاز واقع) في اللغة، وهو قول أكثر الناس، ونفى قوم وقوعه، وهو محكي عن الأستاذ أبي إسحاق الإسْفَرَاييني وأبي علي الفارسي.
  واحتج الأولون (بالاستقراء) والتتبع لعبارات أهل اللغة كالأسد للشجاع والحمار للبليد، وشابت لِمَّة الليل، وقامت الحرب على ساق، مما لا يحصى ويقطع بأنها في هذه المعاني مجازات؛ لأنها إنما تفهم منها بقرينة، والسابق إلى الفهم غيرها عند الإطلاق، وهذا حقيقة المجاز(١).
  قالوا: لو وقع للزم الإخلال بالتفاهم؛ إذ قد تخفى القرينة.
  قلنا: لزوم الإخلال نادر لا يستلزم مطلق المنع (و) ذلك لأنه (لا إخلال
(قوله): «الإسفرايني» بكسر الهمزة وسكون السين المهملة وفتح الفاء والراء المهملة وكسر الياء التحتانية وبالنون بعدها: بلد بخراسان بنواحي نيسابور على منتصف الطريق إلى جرجان.
(قوله): «لمة الليل» اللمة بالكسر: الشعر يجاوز شحمة الأذن، فإذا بلغ المنكبين فهو الجمة، هكذا في الصحاح.
وتحقيق المجاز[١] أن يكون تمثيلاً للهيئة المركبة من الليل وظهور بياض الصبح في سواد آخره كما في ظهور الشيب في سواد الشعر، وأن يراد باللمة سواد آخره[٢] وبالشيب بياض الصبح العارض له. وقامت الحرب إما تمثيل[٣] بمن يقوم على ساق ولا يفتر عنه، وإما أن يراد إسناد القيام على ساق إلى الحرب وهو لأصحابها فيكون مجازاً عقلياً، وإما أن يكون من الاستعارة بالكناية وإثبات القيام والساق تخييلاً.
(قوله): «إذ قد تخفى القرينة» لم يتعرض لعدمها إذ لا يجوز استعماله بدونها بخلاف المشترك.
(قوله): «وذلك» أي: عدم استلزام مطلق المنع.
(١) فيه: أن حقيقة المجاز هي اللفظ المستعمل في غير ما وضع له كما هو المشهور لا ما ذكره، وكان الصواب وهذا أمارة المجاز كما لا يخفى.
[١] يحتمل أن يكون استعارة بالكناية. (ح عن خط شيخه).
[٢] فيكون استعارة مصرحة، وقوله: وبالشيب بياض الصبح ففيه استعارة تبعية. (ح عن خط شيخه).
[٣] عبارة الشيخ: استعارة تمثيلية، مثلت حال الحرب بحالة من يقوم على ساقه ولا يقعد، ولا مجاز في مفرداته. (ح عن خط شيخه).