[فصل: في الأوامر]
  سلمناه(١) فلم لا يثبت بالآحاد كغيره من الموضوعات اللغوية(٢)؟ (و) لا نسلم أن المسألة قطعية، بل (الظن كاف) فيها، سلمناه فالآحاد كافية في الظهور، وهو قطعي كما سبق تحقيقه(٣).
[الأمر الواقع بعد الحظر الشرعي]
  مسألة: اختلف في الأمر الواقع بعد الحظر الشرعي(٤) كقوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ٥] على أربعة أقوال:
(قوله): «سلمنا فلم لا يثبت بالآحاد» أي: سلمنا أنه يثبت بالنقل لا بالاستقراء فلم لا ... إلخ.
(قوله): «سلمناه» أي: سلمنا أنها قطعية «فالآحاد كافية في الظهور» أي: ظهور كون الأمر للوجوب.
(قوله): «بل الظن كاف فيها» لما عرفت أن الظن كاف في مدلولات الألفاظ.
(قوله): «وهو» أي: ظهور كون الأمر للوجوب قطعي كما سبق تحقيقه حيث قال المؤلف # فيما سبق: لأنا نقول: القاعدة هي كون الأمر يفيد الوجوب ظاهراً، وهذه القاعدة معلومة بالدليل لا ريب فيها ... إلخ، هذا تقرير ما قصد المؤلف #، لكن يقال: المسألة التي منع[١] المؤلف # كونها قطعية بقوله: لا نسلم أن المسألة قطعية ... إلخ هي كون الأمر للوجوب، وهي غير المسألة التي سلم كونها قطعية بقوله: سلمناه فالآحاد كافية في الظهور وهو قطعي؛ لأن هذه المسألة هي كون الأمر للوجوب ظاهراً، فيكون التسليم انتقالا إلى مسألة أخرى مع أنه لا بد أن يكون المنع والتسليم متعلقهما شيء واحد، فتأمل، والله أعلم.
(١) يعني أن تتبع موارد استعمال هذه الصيغة يدل على أن المقصود بها عند الإطلاق هو الوجوب. (سعد).
(٢) يعني أن هذا من الموضوعات اللغوية، وما ثبت به الوضع لا يلزم أن يكون مما يفيد العلم، بل قد يكتفى فيه بالظن.
(٣) في قوله: لا يقال: من العلماء من عرف هذا العلم ... إلخ.
(٤) وأما بعد الحظر العقلي فيقتضي الوجوب اتفاقاً بين من جعل الأمر للوجوب سواء كان ممن يثبت حكم العقل أو لا، ومعنى اقتضائه بقاؤه للوجوب عند اللبس، لا لزوم أن يكون للوجوب بحيث لا يصح أن يكون لغيره من ندب أو إباحة لقرينة. (نظام فصول).
[١] ويمكن توجيه عبارة المؤلف بأن يقال: لا يخلو إما أن يريد المعترض بكون المسألة قطعية إما حقيقة أو، ظاهراً فإن كان الأول منعنا القطع بمعنى أنا لم ندعه، وإن كان الثاني منعنا عدم قيام الدليل، بل الدليل قائم عليه، وبالجملة فحاصل الدفع أنا إما أن نمنع دعوى القطع أو نمنع عدم قيام الدليل عليه، والله سبحانه أعلم. (لسيدي أحمد بن إسحاق | ح). قد يقال: لا معنى لمنع دعوى القطع؛ إذ المنع في عرفهم طلب الدليل ... إلخ، والدعوى ليست دليلاً، والله أعلم. (منه أيضاً ح). وفي حاشية: لعل المحشى فهم غير المراد فاعترض، والتفرقة غير مسلمة، والمدعى قطعية الظهور. (ح عن خط شيخه).