هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في إحداث دليل أو تأويل لم يقل به المتقدمون]

صفحة 202 - الجزء 2

  قال أبو طالب #: وأما ما حكي عن مسروق فإنه لا يلزم؛ لأنه كان لحق زمان الصحابة، وهو من أهل الاجتهاد، فلا يمتنع أن يكون الاجتهاد الذي ذهب إليه إنما قال به في وقت اختلافهم ولم يكن قد استقر خلاف من أهل العصر الأول على تلك الأقاويل الأخر.

  (وإلا) يكن ما وقع من التابعين كذلك (فواضح⁣(⁣١)) أنه من قسم الجائز، كما روي عن ابن سيرين؛ لأنه قائل في كل صورة بواحد من المذهبين؛ ولذلك لم ينكر عليه.

[الكلام في إحداث دليل أو تأويل لم يقل به المتقدمون]

  وهاهنا مسائل ذكرت تبعاً لهذه المسألة لوجوه مناسبة:

  المسألة الأولى: إذا استدل أهل العصر في مسألة بدليل أو تأولوا بتأويل فهل لمن بعدهم إحداث دليل أو تأويل لم يقولوا به ولم ينصوا على بطلانه⁣(⁣٢) ولا صحته؟ منعه الأقلون، وتوقف أبو عبدالله البصري في ذلك⁣(⁣٣).

  (و) قال الأكثرون وهو المختار: (يجوز إحداث⁣(⁣٤) دليل أو تأويل⁣(⁣٥)؛ إذ)


(قوله): «وهاهنا مسائل» هي ست مسائل ذكرها المؤلف #، والمناسبة فيها لهذه المسألة ظاهرة⁣[⁣١]، ما خلا الثانية فالظاهر أنها من توابع الفرع المتقدم.


(١) أي: وإلا يرفع القولين كما نقل عن ابن سيرين وغيره في مسألة زوج أو زوجة وأبوين فواضح أنه من قبيل الجائز؛ لأنه لم يرفع ما اتفق عليه الأولون، فلم يخرق الإجماع المتقدم. (من شرح ابن جحاف مختصراً).

(٢) أما إذا نصوا على بطلانه فلا يجوز اتفاقاً. (عضد).

(٣) في شرح ابن جحاف: وكذا أبو عبدالله، أي: توقف في إحداث دليل أو تعليل، ومنع أبو عبدالله وبعض أئمتنا وجمهور المتكلمين من إحداث تأويل، وعن المنصور بالله إن كان الدليل والتأويل من جهة النقل امتنع، لا من جهة النظر فجائز.

(٤) وإطلاق الإحداث على الكل تغليب كما لا يخفى. (طبري).

(٥) ثالث أو رابع أو أكثر لم ينصوا على عدمه ولم يرفع مقتضى أقوالهم. (طبري).

أما لو غير مقتضى أقوالهم من الحكم فلا كالقول الثالث الرافع للقولين، ومثاله: لو علل بعضهم تحريم بيع البر بالبر متفاضلاً بالكيل وآخر بالطعم، فجاء من بعدهم علله بالاقتيات، فإنه لا يجوز؛ لرفعه القولين الأولين المتضمنين للإجماع على تحريم بيع الملح بالملح بمثله كذلك، وتجويز علته ذلك. (طبري).


[١] وهي المناسبة في الإحداث. (حسين بن أحمد السياغي).