(فصل:) في البيان والمبين
(فصل:) في البيان والمبيَّن
  ولما كان البيان بمعنى الدلالة وعبارة عنها، والدلالة تتوقف على الدليل المرشد إلى المطلوب، وهو العلم أو الظن الحاصل منه - لا جرم كان (البيان يقال تارة) أي: يطلق تارة (على الفعل) أي: فعل المبيِّن، وهو التبيين، كالسلام والكلام للتسليم والتكليم، واشتقاقه من بان إذا ظهر(١) أو انفصل.
  (و) أخرى على (الدليل)(٢) لكونه يحصل به التبيين.
  (و) ثالثة: على (المدلول) لكونه متعلقاً للتبيين.
  ولأجل ذلك اختلف في تعريفه، فاختارت الحنفية المعنى الأول، ووافقهم أبو بكر الصيرفي من الشافعية فقال: إنه إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز الوضوح. وما أورد عليه من البيان الابتدائي ومجازية لفظ الحيز(٣) في الموضعين
(قوله): «وهو» أي: المطلوب.
(قوله): «الحاصل منه» أي: من الدليل.
(قوله): «على الفعل» فيكون بمعنى الدلالة، وهو المعنى الأول.
(قوله): «وما أورد» مبتدأ، خبره مناقشة واهية. والمورد للأول القاضي، وللثاني الجويني.
(قوله): «الابتدائي» يعني من غير تقدم إشكال، فهو بيان وليس ثمة إخراج من حيز الإشكال.
(١) وهو الغالب، كما قال تعالى: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ٤}[الرحمن]، أي: إظهار ما في الضمير بالمنطق المعرب عنه، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ١٩}[القيامة]، وقال عليه الصلاة والسلام: «إن من البيان لسحراً». (من فصول البدائع).
(٢) بناء على أن البيان مصدر بمعنى الفاعل كما في: {أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا}[الملك: ٣٠]، وهو اصطلاح الأصوليين، وقوله: وثالثة على المدلول أي: على ما حصل بالدليل من الوضوح، وهذا هو المعنى المصدري وإن كان في العبارة تسامح؛ لأن مدلول الدليل ليس هو الوضوح نفسه، وإنما الوضوح لازم المدلول ووصفه. (من شرح الجلال).
(٣) فإنه حقيقة في الجوهر دون غيره. (سبكي). وقال الأزهري: الحيز بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء المثناة التحتية المكسورة وبالزاي: المكان، واستعماله في التعريف مجاز يصان عنه اهـ بلفظه، وفي العضد: والتجوز في الحدود لا يجوز.