[المفهوم]
  الجمهور، وسواء فيه الأولى والمساوي، فلا يكون من باب المفهوم.
  وقيل: إنه من باب المفهوم لا من باب القياس، وهذا هو المشهور، ونقله الرافعي وغيره عن الأكثرين.
  وقيل: إن الأولى من باب المفهوم، والمساوي من القياس، وهو مذهب ابن الحاجب ومن وافقه(١).
  والأظهر أن مستند الحكم في المسكوت هو فحوى الدلالة اللفظية لا الدلالة القياسية؛ للقطع بأن العرب إنما يريدون بمثل هذه العبارات المبالغة في التأكيد للحكم في موضع السكوت، حتى كأنها موضوعة بالوضع(٢) النوعي للمبالغة المذكورة، ولذلك كانت أفصح من التصريح بحكم غير المذكور، ألا ترى أنهم إذا قصدوا المبالغة في كون أحد الفرسين سابقاً على الآخر قالوا: هذا لا يلحق غبار ذلك، وأنه أبلغ من قولهم: ذاك سابق على هذا، وهكذا إذا قال قائل: لا تعطه مثقال ذرة كان أبلغ في فهم المنع مما فوق المثقال من التصريح به قطعاً، وليس ذلك من القياس الذي جعله الشارع حجة؛ لأنه يعرفه كل من يعرف اللغة من غير افتقار إلى نظر واجتهاد، بخلاف القياس الشرعي، وهذا ظاهر في الأَوْلَى، وأما المساوي فمحتمل للأمرين(٣)، ويمكن ترجيح المفهوم(٤) بأن قوله
(قوله): «من باب المفهوم» فتكون الدلالة عليه لفظية.
(قوله): «مما فوق المثقال» متعلق بالمنع، وقوله: «من التصريح» متعلق بأبلغ، وضمير به عائد إلى ما فوق المثقال، والمعنى أن قوله: لا تعطه مثقال ذرة أبلغ من قوله: لا تعطه ما فوق ذرة.
(قوله): «الذي جعله الشارع حجة» إذ القطع حاصل بإفادة هذه الصيغ لهذه المعاني قبل شرع القياس.
(١) في الفصول: أبو طالب والمنصور والقاضيان والحاكم أنه حقيقة عرفية، وهذا قريب مما ذكره السيد |. (منقولة).
(٢) ومما يدل على أنه ليس بقياس أنه يقول به نفاة القياس. (منقولة).
(٣) المفهوم والقياس.
(٤) أي: كونه مما دلالته لفظية.