ذكر بعض مما قيل فيه:
  وقال ابن أبي الرجال أيضاً: كان جبلاً من جبال الحلم، لا يطيش لحادث، ولا يظهر على وجهه عبوس، ولو انبعثت عليه الحوادث دفعة، فإنه كان أيام قراءته في الظفير على شيخه المذكور يصادم العساكر بالعساكر ويقاوم الأصاغر والأكابر، على خلل في الزمان ووهن في الأعوان، وهو مع ذلك يزاحم سعد الدين التفتازاني والشريف وأضرابهما ويتعقبهم، وكان يكتب بخطه مع ذلك بعض كتب الدرس بخط كأنما طبع بالطابع، كان شيخنا الوجيه عبد الرحمن الحيمي يطيل الثناء عليه ويقول: خط شيرازي عال، ذكر ذلك مراراً، وكان يقرأ في (العضد) ويحشي فيأتي إليه عيون العسكر وأهل العناية بالحرب يذكرون قرب الزحف والمصافّة، وهو ينظر في تلك الدقائق؛ فإذا كثر تعويلهم نهض.
  وقال فيه أيضاً: وكان شجاعاً في الغاية، ولقد أخبرنا الشيوخ بصعدة أيام قتاله للأروام بساحتها أيام والده # أنه جاء من ناحية المشرق من بين الجبل والترك بصعدة خيلهم ورجالهم، فمضى إلى ناحية (تلمص) على حصان أدهم لابساً ثياباً يغيظ الأعداء، وبين يديه خادم يحمل الرمح، فمر من عند مسجد (فليتة) بوقار تام، كأنه يمشي إلى الزفاف والأروام نواكس الأذقان حتى مضى إلى بعض المسافة نحو تلمص، وخرجت الخيل تطلبه وهو لا يلتفت، فلما قربوا منه قبض الرمح من خادمه، وعاد فانقلبوا صاغرين، وهذه مناقب لو استوفيناها ضاق الرحب لكنا نكتفي بالإشارة والقليل يشير إلى الكثير.
  وكان في علم المعقول في محل لا ينتهى إليه وسائر علوم القرآن، وأما المنطق وأصول الفقه فهو الغاية التي ما وراءها، وشاهد ذلك كتابه (الغاية) وشرحها (الهداية)، فقد جمعت غرائب الفن وعجائبه، ونقلها بعض علماء الأقاليم تعجباً من أسلوبها وكثرة التحقيق فيها، وممن علق بها شيخنا الشيخ أحمد بن أحمد الشابي القيرواني المالكي، القادم في شعبان من شهور سنة أربع وخمسين وألف سنة، وأقام بصنعاء وكان سابقاً في العلوم مطلعاً على مصنفات العلماء، فلم يزل متعجباً من هذا الكتاب، واعتنى بملكه.
  وله أشعار جيدة، لكن والده أعاد الله من بركته كره له الإيغال في ذلك، فتركه.