(الباب الأول في الأخبار)
  قال في الفصول: وهو اختيار بعض أئمتنا $(١)، وقد أشار إلى احتجاج أهل هذا القول بقوله: (وإلا أوجب الشك) يعني لو أثبتنا أحدهما بقول غير العالم لأثبتنا(٢) مع الشك، فيلزم أن يكون الشك موجباً للعمل؛ إذ لو لم يشترط عِلْمنا بكونه عالماً بأسبابهما لكان خبره موجباً للشك فلا يعمل بقوله.
  وهاهنا قول سادس للسبكي، وهو: أنه يجب ذكر سبب الجرح في الشهادة دون الرواية فيكفي فيها الإطلاق إذا عرف مذهب الجارح.
(قوله): «وإلا أوجب الشك» الشك فاعل أوجب ومفعوله العمل، أي: أوجب الشكُّ العملَ بالجرح والتعديل؛ ويدل على ذلك قول المؤلف #: فيلزم أن يكون الشك موجباً ... إلخ. وهذا المذكور إشارة إلى ملازمتين، أشار إلى الأولى منهما بقوله: لو أثبتنا أحدهما ... إلخ، وأشار إلى الثانية بقوله: فيلزم ... إلخ، كأنه قال: لو أثبتنا مع الشك لزم أن يكون الشك موجباً ... إلخ، أي: موجباً للعمل بالجرح أو التعديل. وقد اقتصر في شرح المختصر عل الملازمة الأولى؛ لأنه لم يذكر إيجاب الشك فقال: لو أثبتنا أحدهما[١] - أي الجرح أو التعديل - لأثبتنا ذلك مع الشك. وبهذا يتم شرح ما ذكره المؤلف # في المتن، وأما قوله: إذ لو لم يشترط علمنا ... إلخ فلا دخل له في شرح المذكور في المتن لتمام قوله: إن كان عالماً ... إلخ بتعليله المشار إليه بقوله: وإلا أوجب الشك، ولا في إحدى الملازمتين المذكورتين، مع أنه لا يصلح علة لقوله: إن كان عالماً ... إلخ؛ لأن المراد به كون المعدل أو الجارح عالماً بأسبابهما لا علمنا بكونه عالماً بذلك[٢]، وأيضاً قد عرفت أن فاعل أوجب في المتن هو الشك، ومفعوله العمل، ومقتضى قوله: لكان خبره موجباً للشك أن الموجب هو الخبر، فيكون المعنى لأوجب خبره الشك، فلا يصلح كونه علة لما قبله[٣] أعني قوله: وإلا أوجب الشك، فلا يخلو عن قلق. ولعل قوله: إذ لو لم يشترط ... إلخ نسخة بدل عن قوله: يعني لو أثبتنا ... إلخ، ويكون بناء هذه النسخة على أن الشك في عبارة المتن منصوب والفاعل ضمير يعود إلى الخبر، والمعنى لكان خبره أي: المعدل أو الجارح موجباً للعمل بالشك. وأما اشتراط علمنا بكون المعدل أو الجارح عالماً فتنبيه على أنه مدار الاستدلال؛ إذ لو لم يعلم كونه عالماً لعملنا بخبره مع الشك، ولعله كان مذكوراً مع هذه النسخة فتأمل، والله أعلم.
(قوله): «ذكر سبب الجرح» يعني دون التعديل كما صرح بذلك في شرح الجمع.
(قوله): «إذا عرف مذهب الجارح» يعني عرف كون مذهب الجارح أنه لا يجرح إلا بقادح، ذكره في شرح الجمع.
(١) كالمهدي #. (شرح فصول).
(٢) فيه حذف المفعول، أي: لأثبتناه، أي: أحدهما، وعبارة الإمام الحسن في القسطاس: «لأثبتناه» بذكره. (من خط جمال الدين علي البرطي |).
[١] قول غير العالم بأسبابهما، كذا في العضد.
[٢] ولا يبعد أن يقال: الشرط هو حكمنا بكونه عالماً، ولا نحكم إلا بعد أن نعلم، فالحكم بكونه عالماً يدل على علمنا التزاماً. (حسن بن يحيى ح).
[٣] كلام المؤلف مستقيم، وكون الشك فاعلاً أولاً ومفعولاً ثانياً لا يمنع صلاحيته علة لما قبله فتأمل. (ح عن خط شيخه).