[فصل: في شروط العمل بأخبار الآحاد]
  بما يظهر رجحانه؛ لقوله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ ١٧ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}[الزمر].
  (وقيل: التعديل) مقدم على الجرح (إن كثر المعدل) لا إن استويا أو كان الجارح أكثر فكالقول الأول.
  (قلنا: الجرح) فيه (زيادة) لم يطلع عليها المعدل فيجب العمل به؛ لأنه لا ينفي مقتضى التعديل في غير صورة التعيين جمعاً بينهما؛ إذ غاية قول المعدل أنه لم يعلم فسقاً ولم يظنه فيظن عدالته؛ إذ العلم بالعدم لا يتصور، والجارح يقول: أنا علمت فسقه، فلو حكمنا بعدم فسقه كان الجارح كاذباً، ولو حكمنا بفسقه كانا صادقين(١) فيما أخبرا به، والجمع أولى ما أمكن(٢).
  هذا إذا أطلقا أو عين الجارح السبب ولم ينفه المعدل أو نفاه لا بيقين(٣) (أما إن عين) الجارح السبب (ونفى المعدل) ما عينه (يقيناً) كأن يقول الجارح: هو قتل فلاناً يوم كذا، ويقول المعدل: هو حي ورأيته بعد ذلك اليوم، فيقع بينهما التعارض؛ لعدم إمكان الجمع المذكور، وحينئذ (فالترجيح) بينهما بأمر خارج هو الواجب إن أمكن، وإلا تساقطا(٤).
[مراتب التعديل]
  مسألة: (وللتعديل) طرق مرتبة على (مراتب) في القوة: فأولها: (الحكم بالشهادة) من الحاكم المعتبر الذي يرى العدالة شرطاً في قبول الشهادة، وهذا
(١) بناء على قول النظام في صدق المعدل، وإلا فلا يخفى أنه غير مطابق للواقع فتأمل.
(٢) لأن تكذيب العدل خلاف الظاهر. (فصول).
(٣) قال أبو زرعة في شرح الجمع: واستثني من ذلك - أي: من كون الجرح مقدماً على التعديل مطلقاً - صورتان: أحدهما: إذا عين الجارح السبب. الثانية: إذا عين الجارح سبباً فقال المعدل: تاب عنه وحسنت توبته، فيقدم التعديل؛ لأن معه هاهنا، زيادة علم كما حكاه الرافعي عن جماعة منهم ابن الصباغ، وجزم به الرافعي في المحرر والنووي في المنهاج.
(٤) ورجع إلى الأصل، وهي البراءة، أي: براءة المكلف عن التكليف بمضمون الخبر.