(الباب الأول في الأخبار)
  (فمن أقدم(١) جاهلاً على مفسق لم يقبل على الأول لا الثاني) يشمل المتأول كما ذكرناه(٢) والجاهل لكون ما أقدم عليه مفسقاً من غير تأويل سواء اعتقد الإباحة أو لم يعتقد شيئاً(٣)، وقد صرح السبكي بقبوله سواء كان ما أقدم عليه مفسقاً مظنوناً أو مقطوعاً، والأول كشرب النبيذ، والثاني كشرب الخمر.
  وقيل: لا يقبل(٤). وقيل: يقبل في المظنون دون المقطوع، وأما المقدم على المفسق عالماً(٥) فلا يقبل قطعاً.
= هذا ما ينبغي أن يكون مقصد المؤلف #، وهو الموافق لقوله: وفائدة الخلاف تظهر في كافر التأويل وفاسقه، فإنه لم يذكر الجاهل غير المتأول المقدم على مفسق جهلا منه، لكن عبارته في الشرح بعد ذلك لا توافق هذا المقصد حيث قال: والجاهل لكون ما أقدم عليه مفسقاً من غير تأويل ... إلخ، فإنها تشعر بأن غير المتأول حيث أقدم جاهلاً على مفسق مما تظهر فيه فائدة الخلاف، وليس كذلك، والتحقيق أن مسألة من أقدم جاهلا لا دخل لها في ثمرة الخلاف؛ إذ لا سلب أهلية ولا مظنة تهمة كما عرفت، بل هي مسألة مستقلة كما ذكره في الجمع، ولفظه: من أقدم جاهلاً على مفسق مظنون أو مقطوع ... إلخ، قال في شرحه: الإقدام على المفسق للجهل بكونه فسقاً لم يعترضوا له في الأصول وذكره الماوردي فقال في المختلف فيه كشرب النبيذ: إن فعله معتقداً تحريمه فكبيرة، وإن لم يعتقد تحريمه وإباحته مع علمه بالخلاف ففيه وجهان: الفسق وعدمه، واستيفاء الكلام يؤخذ من شرح الجمع. ولو قال المؤلف # في المتن: فمن كان متأولا متحفظاً في دينه وإن أقدم جاهلاً على مفسق لم يقبل على الأول لا الثاني، ثم يذكر بعد ذلك مسألة الجاهل الذي ليس بمتأول في بحث مستقل لكان صواباً، والله أعلم.
(قوله): «بكونه يوجبهما» أي: بكون ما يوجب الكفر أو الفسق يوجبهما. ولو قال: يوجب أحدهما لكان أولى.
(قوله): «فمن أقدم جاهلاً» الظاهر أن معنى جهله أنه أقدم على المفسق غير معتقد تحريمه كما صرح به في شرح الجمع وأشعر به قول المؤلف #: سواء اعتقد إباحته أو لم يعتقد، فليس المراد بجهله أنه أقدم عل النبيذ مثلا لظنه أنه غير نبيذ.
(١) يقال: مع الجهل لا فسق[١] فلا سلب أهلية حينئذ، فليس بثمرة ويستقيم كلام الكتاب فيما علم من ضرورة الدين. اهـ ولعله يريد في المسائل العلمية التي لا يكون الجهل فيها عذراً كفسق من خالف الإجماع فينظر.
(٢) أي: المتحفظ الذي فعل ما يوجب كفراً أو فسقاً ... إلخ.
(٣) لعذره بالجهل. (محلي).
(٤) مطلقاً. اهـ لارتكاب المفسق وإن اعتقد الإباحة. (محلي).
(٥) بحرمته. (محلي).
[١] يقال: لم يحكم المؤلف بفسق المقدم، وإنما حكم بأن الفعل مفسق في نفسه وبالنظر إليه، وأما فسق فاعله فمع العلم لا مع الجهل، فلا اعتراض على المؤلف.