هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 340 - الجزء 2

  شهادة بعضهم على بعض.

  (وقيل⁣(⁣١):) إن (الكفر) نقصان و (سلب) للأهلية (والفسق) ليس كذلك بل موجب للرد لأنه (مظنة تهمة) وهذا مذهب الشافعي.

  قال الغزَّالي: وهذا هو الأغلب على الظن عندنا، ولا شك أن الحكمة في وجوب رد الشهادة والرواية هي التهمة، والقائلون بأن الكفر والفسق سلب للأهلية لا ينفون ذلك، وإنما يريدون بأن التهمة لما كانت خفية منتشرة نيط الحكم بوصف ظاهر⁣(⁣٢) منضبط كالكفر والفسق والقرابة على رأي سواء وجدت التهمة معه أم لا، كما في شهادة الوالد لأحد ولديه على الآخر فإنها لا تقبل عند المخالف وإن لم يتهم⁣(⁣٣)، وأبو حنيفة لا يعلق الحكم بالوصف إذا انتفت التهمة كما في المتأول المتحفظ.

  وفائدة الخلاف تظهر في كافر التأويل وفاسقه، فالقائلون بأنهما سلب أهلية يردونهما، والقائلون بأنهما مظنة تهمة يقبلون المتحفظ منهما في دينه المحرم للكذب لارتفاع التهمة وإن فعل ما يوجب كفراً أو فسقاً جهلاً منه بكونه يوجبهما، فقوله:


(قوله): «لا ينفون ذلك» أي: المذكور، وهو أن الحكمة في الرد هي التهمة.

(قوله): «لا يعلق الحكم بالوصف» أراد بالوصف الكفر أو الفسق.

(قوله): «كما في المتأول المتحفظ» فثبت أن الحكمة في الرد هي التهمة.

(قوله): «وإن فعل ما يوجب كفراً أو فسقاً جهلاً منه ... إلخ» هذا تعميم في قبول المتحفظ، يعني ولو صدر من المتأول المتحفظ الإقدام على ما يوجب كفراً أو فسقاً تصريحاً جهلاً منه فإنه لا يخرجه عن كونه متحفظاً. وكأن الحامل على هذا التعميم محاولة شمول قوله: فمن أقدم جاهلاً ... إلخ للمتأول المذكور، وهو المتحفظ في دينه المقدم على مفسق جهلاً؛ لئلا يخرج بإقدامه عن كونه مما تظهر فيه فائدة الخلاف، فإنه مقبول عند القائل بأنهما مظنة تهمة، فقوله: كما ذكرنا قيد للمتأول أي: الكائن كما ذكرنا، ولو قال: يشمل المتأول المذكور لكان أوضح، وحينئذ يكون الجاهل المقدم على مفسق من غير تأويل خارجاً عن كونه مما تظهر فيه فائدة الخلاف؛ إذ يبعد أن يقال فيه: إن فعله سلب أهلية أو مظنة تهمة مع جهله، =


(١) هكذا في نسخ الشرح التي لدينا تقديم هذا القيل، وأما في نسخة المتن فهو مؤخر عن قوله: فمن أقدم جاهلاً ... إلخ.

(٢) وهو الكفر والفسق.

(٣) لأن الأبوة مظنة التهمة؛ فلا ينظر إلى الحال. (شرح فصول).