(الباب الأول في الأخبار)
  وهذه مسألة تبتني عليها أكثر الأحكام الشرعية، فلا ينبغي لمجتهد أن يقتصر فيها على أول نظر، بل يبالغ في البحث والطلب حتى يدرك ما هو الحق من هذه الأقوال، فإن من سلم من داء التقليد والعصبية إذا حقق نظره في هذه المسألة علم حقها من باطلها علماً يقيناً.
  (و) قد اختلف فيمن يطلق عليه لفظ الصحابي(١)، وهو واحد الصحابة، فقال أئمتنا $ والمعتزلة وجمهور الأصوليين: (الصحابي(٢) من طالت مجالسته(٣) له ÷ متبعاً له(٤)) إما في حياته فقط وهو رأي الأكثر منهم؛ لأن الصحبة اللغوية
(قوله): «وهذه المسألة تبتني عليها أكثر الأحكام الشرعية ... إلخ» لأن مدارها على الاستدلال بما رواه الصحابة، والقبول والرد مبني على عدالتهم وعدمها، ويبتني على القول الأول خصوصاً كون الإمامة اجتهادية فلا يثبت البغي والفسق لا قطعية، والعكس على القول الرابع.
(قوله): «وهو واحد الصحابة» فإنها اسم جمع، وقيل: جمع على غير قياس، ذكره في حواشي الفصول.
(قوله): «لأن الصحبة اللغوية» أي: لأن الصحبة مأخوذة من اللغة، وهي إنما تفيد الاتباع في حال الحياة.
= قال المؤلف (ع) في الفصول ما لفظه: أئمتنا، والمعتزلة: وهم عدول، إلا من ظهر فسقه، كمن قاتل الوصي (ع) ولم يتب.
قلت: في الحكاية عن أئمتنا (ع) نظر؛ ولقد أحسن ابن الإمام (ع) حيث قال في تعداد الأقوال: ورابعها:» ... إلى قوله: «وقد ظهر أن المؤلف ومن تبعه اعتمدوا في كثير من الحكايات للأقوال في مباحث علوم الحديث، على كلام الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير؛ وهو كثير المجازفة، في هذه الأبحاث؛ لما هو عليه من المعارضة، كما سبق وسيأتي؛ وذلك معلوم لا يخفى على المطلع المنصف، ولا اعتبار بالجاهل ولا المتعسف، والله ولي التوفيق.
قال في الفصول، ما لفظه: جمهور الفقهاء والمحدثين: عدول - أي الصحابة - مطلقاً، وما شجر بينهم، فمبناه على الاجتهاد.
قلت: وهذا القول واضح البطلان؛ لمخالفته صرائح البرهان. وقد أشار السيد الإمام صلاح الإسلام (ع) في شرحه، إلى الحجج المعلومة على رده، من الكتاب والسنة، بعد سياقه لما أوردوه من الاستدلال ...» إلى آخر كلامه # وهو مبحث قيِّم فليرجع إليه من أراد استيفاء الكلام، والشرب من عين صافية.
(١) أي: الشخص الذي يسمى صحابياً، أي: صاحب النبي ÷. (محلي).
(٢) ذكراً كان أو أنثى. (محلي).
(٣) ولا حد لتلك الكثرة، وإنما تعرف تقريباً لا تقديراً. (حاوي من حواشي الفصول).
(٤) أو في حكم المتبع كالحسن والحسين ونحوهما. (حاشية فصول).