(الباب الأول في الأخبار)
  إنما تفيد الاتباع في حال الحياة فقط، وهذا بناء على الأغلب(١) أن من صحب غيره يتبعه فيما يحب، وإلا ففي التحقيق أن الصاحب من كثرت ملازمته لغيره بحيث يريد الخير به ودفع الشر عنه وإن لم يتبعه في عقائده ودينه وقوله.
  وإما في حياته وبعد وفاته كما هو رأي أقلهم؛ لأن هذا الاسم يفيد التعظيم، ولا يستحقه إلا الذين لم يغيروا بعده(٢). وظاهر المتن مع القول الأول كما لا يخفى.
  ومن هذا حاله يسمى صحابياً (وإن لم يرو) والحجة لهذا القول ما أفاده قوله: (للعرف). بيانه: أنه لا يتبادر من قولك: فلان صحب فلاناً إلا طول المكث معه والمجالسة له والاستكثار من موافقته، ألا ترى أنه لا يسمى من اختص ببعض العلماء صاحباً له إلا إذا فعل ذلك.
(قوله): «وهذا بناء على الأغلب» قال الدواري |: أو بناء على أن ذلك خاص في أصحاب النبي ÷ اهـ وهذا مناسب بما نقله المؤلف # فيما يأتي عن أبي طالب #. ومعنى كون هذا مبنياً على الأغلب أن اعتبار قيد الاتباع في الدين ليس لكونه جزءاً من ماهية الصحبة بحيث لا تحصل إلا به، بل إنما المعتبر فيها طول المجالسة والخلطة؛ لأن الصحابي حقيقة عرفية فيمن هذا حاله؛ ولهذا قال المؤلف #: وإلا ففي التحقيق ... إلخ. وهذا في حواشي الجوهرة، واعتمده في القسطاس، وقد استشكل قيد الاتباع في الدين لما ذكره الإمام المهدي # في المنهاج من قوله ÷: «فأقول أصحابي» حيث لم ينكر عليه تسميتهم أصحاباً، وقد يجاب بما عرفت من أن قيد الاتباع في الدين قيد أغلبي لا للاحتراز، فعدم الإنكار بناء على وجود مسمى هذا اللفظ عرفاً فيهم؛ ولهذا لم يتعرض المؤلف # لهذا الإشكال.
(قوله): «وإما في حياته وبعد وفاته» عطف على قوله سابقاً: إما في حياته فقط.
(قوله): «وظاهر المتن مع القول الأول» من حيث كون «متبعاً» حالاً، كذا نقل عن المؤلف #، لكن يقال: مقتضى كون المعنى طالت في حال الاتباع أن من غَيَّر بعد وفاته ÷[١] داخل في ذلك.
(قوله): «للعرف» هذا استدلال على اعتبار طول المجالسة كما هو صريح كلام الشرح[٢] وكلام السعد، وظاهر المتن أن هذا استدلال على مجموع ما تقدم، وليس كذلك؛ إذ قد عرفت أن الاتباع في الدين لا يفيده العرف، وأن هذا القيد أغلبي لا للاحتراز.
(١) في القسطاس: واعلم أنه إنما قيد بالاتباع لشرعه لأنها صحبة مخصوصة، أو بناء على الأغلب فإن من صحب غيره اتبعه فيما يحب.
(٢) قلنا اللغة قاضية بخلاف هذا، وأيضاً فهو يخرج الصحابي الذي مات قبل النبي ÷، وأيضاً قال ÷: «يؤتى بأقوام يوم القيامة فيذهب بهم ذات الشمال فأقول: أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» فسماهم أصحاباً مع ذلك. (شرح فصول).
[١] يقال: هذا فائدة التقييد بحال الحياة فقط، فذلك مقصود (حسن بن يحيى).
[٢] ظاهر قوله في الشرح: والاستكثار من موافقته يأبى ذلك (حسن).