هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 360 - الجزء 2


= عَلَى بابها، والتخصيص لهذا العموم بها؛ لكونها أَقوى، والاعتمادِ عليها أَحْرَى، هذا هو الذي تَقتضيه مَسَالِكُ الأُصول، ومَدَارِكُ المعقولِ والمنقول. وقد أشار إليه الإمامُ # بقوله: «إلَّا صِحَّة كَوْنِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ÷». عدنا إلى كلامِ الإمامِ #.

قال: [القسم الثاني]: «وَمَا أَمْكَنَ عَرْضُهُ عَلَيْهِ جُمْلَةً، وهَذَا الصَّحِيْحُ صِحَّتُهُ، مِثْلُ بَيَانَاتِ الْمُجْمَلاتِ الوَاجِبَةِ، وَنَحو ذَلكَ.

والقِسم الثالث: مَا عَارَضَ الْكِتَابَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مَعَ كَوْنِهِ آحَادِيًّا». قلتُ: قولُهُ: مَعَ كَوْنِهِ آحَادِيًّا؛ لأنَّه لَا يُتَصَوَّرُ ذلك في الْمُتَوَاتِرِ والْمُتَلَقَّى بالقَبول كما ذلك معلوم. قال #: «وَهَذَا لَا إِشْكَالَ فِي رَدِّهِ، والْحُكْمِ بِوَضْعِهِ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِتَابِ بِالتَّعْمِيْمِ وَالْتَّخْصِيْصِ، وَالإطْلاقِ وَالتَّقْيِيْدِ». قلتُ: وَمَقْصَدُ الإمامِ # أنَّه يُجْرَى في كُلٍّ بِحَسَبِهِ في الْعِلْمِيَّات والْعَمَلِيَّات، فيُخَصَّصُ العمومُ في الأَوَّلِ: بالعِلْمِي، وفي الثَّانِي: بالعِلْمِيِّ والظَّنِّي؛ لأنَّ العمومَ في العَمَلِيَّات - وإنْ كَانَ قطعيَّ الْمَتْنِ - فهو ظنيُّ الدَّلالة؛ لاحتمالِه. وإنَّما تَطَرَّقَ إليه الاحتمالُ؛ لأنَّ الظنَّ يَكفي في الأَعمال. وهذا إنَّما هو عَلَى مُقْتَضَى القَوْلِ بجوازِ تخصيصِ الكتابِ والمتواترِ بالآحَادِ ونحوهِما كالقياس، وستقفُ عَلَى المختارِ قريبًا إنْ شاء اللَّهُ تعالى. فأمَّا التخصيصُ بها في العِلْمِيَّاتِ فلا يَصِحُّ اتِّفَاقًا بين العِتْرَةِ ومَنْ وافقهم؛ لِلتَّعَبُّدِ فيها بالاعتقاد، وبقاؤها عَلَى الأَصْلِ مِنْ كَوْنِ العِلْمِ فيها هو المرادُ، {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ٣٦}⁣[الإسراء]، {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}⁣[يونس ٣٦]. ولم يَبْقَ تحت النَّهْي إلَّا مَسَائِلُ الأُصول، وإلَّا عَرِيَتْ عن الفائدة، وذلك خلافُ المعقولِ والمنقول، فكيف يَنْهى عن اتِّبَاعِ الظَّنِّ ويَذمُّه لَنَا ثم يَتَعَبَّدنَا به؟ تَعَالَى اللَّهُ عن هذا المقول ......... إلى قوله #: رجعنا إلى كلام الإمام، قال #: «وَهَذَا [أي: القسم الرابع]: الْصَّحِيْحُ الأَخْذُ بِهِ عَرْضًا عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}⁣[النحل ٤٤]، والتعميمُ والتخصيصُ نوعٌ مِنَ البَيَانِ اللُّغَوِي».

حتى قال: «والْقِسْمُ الْخَامِسُ: مَا لا يُمْكِنُ عَرْضُهُ وَلا يُوجَدُ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيْزِ ما يُبْطِلُهُ وَلا ما يُصِحُّه». قلتُ: أَرادَ الإمامُ # أنَّهُ لم يُوافِقْ؛ لأنَّ الْمُوَافَقَةَ: الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُشَاكَلَةُ، ولم يُخَالِفْ؛ لأنَّ الْمُخَالَفَةَ: الْمُعَارَضَةُ والْمُنَاقَضَةُ.

ومَنْ لم يُحْسِنِ النَّظَرَ في مَعْنَى الخبرِ الشريفِ تَوَهَّمَ حَصْرَ ما في الْسُّنَّةِ عَلَى مُوَافَقَةِ الكتابِ أو مُخَالَفَتِهِ، ومِنْ هنا أُتِيَ؛ لأنَّه حَمَلَ الْمُوَافَقَةَ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ ولا إشكال، وحَمَلَ الْمُخَالَفَةَ عَلَى الْمُغَايَرَة، فلم يَبْقَ له عِنْدَهُ في الْسُّنَّة ثَمَرَة؛ لأنَّه إنْ وَافَقَ - أي أَتَى بِمْثِلِ الْحُكْمِ الذي في الكتاب - فليس إلَّا مؤكِّدًا، وإنْ خَالَفَ - أي لم يأتِ بِمِثْلِهِ - كان مردودًا، ولَزِمَ عَلَى كلامِهِ هذا أنْ لا تُفِيْدَ الْسُّنَّةُ حُكْمًا مؤسِّساً. وقد أَزَالَ الإمامُ ~ ما كان مُلْتَبِسًا بِحُجَجٍ مُشْرِقَةِ الصَّبَاح، مُسْفِرَة المصباح. قال #: «وَهَذَا: الْصَّحِيْحُ قَبُوْلُهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}⁣[الحشر ٧]، وَهو نَوْعٌ مِن الْعَرْضِ الْجُمْلِيِّ، وَلِقَوْلِهِ ÷: «أُعْطِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَيْهِ»، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}⁣[الأحزاب ٢١]، إِلَى غَيْرِ ذَلك ...»، إلخ كلامِهِ # ......... إلى آخر البحث النفيس فارجع إليه موفّقاً.