هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 373 - الجزء 2

  برأسه أو أصبعه (أو سكت) الشيخ حين قال له القارئ هل سمعت؟ فلم يشر بشيء أصلاً (فظن) القارئ (الإجابة) من شيخه، يعني أنه ما سكت إلا لأن الأمر كما قرئ عليه وإلا لأنكره⁣(⁣١)، (أو لم يقل) القارئ لشيخه: هل سمعت مع ظن التقرير والإجابة لقرينة⁣(⁣٢).

  فللقارئ في هذه كلها أن يروي عند عامة المحدثين والفقهاء وشرط بعض الظاهرية⁣(⁣٣) إقرار الشيخ عند تمام السماع بأن يقول: نعم، جواباً لقول القارئ هل سمعت أو هل هو كما قرأته عليك؟ فيقول: حدثنا وأخبرنا مقيداً بلفظ: «قراءة عليه»، وأجود العبارات وأسلمها أن يقول: قرأت على فلان.

  وفي الإطلاق خلاف، فمنهم من منع منه على الإطلاق، وقيل: إنه قول أحمد بن حنبل والنسائي وغيرهما، وصححه الغزالي والآمدي تبعاً للمتكلمين.

  ومنهم من أجازه على الإطلاق، وقيل: إنه مذهب معظم الحجازيين والكوفيين والزهري ومالك وسفيان بن عيينة وغيرهم، وهو مذهب البخاري⁣(⁣٤) صاحب الصحيح.

  ومنهم من قال بالمنع من إطلاق «حدثنا» وتجويز إطلاق «أخبرنا»، وهو مذهب الشافعي وأصحابه، ونقل عن مسلم صاحب الصحيح.


(١) من غير أمر مانع من الإنكار من إكراه أو غفلة أو نحوهما؛ لأنه يفهم منه عرفاً من سكوته بعد سماعه تقريره وتصديقه، وإلا كان إيهاماً لصحة ذلك وتقريراً منه، وهو بعيد من العدل، كما روي أن ضمام بن ثعلبة عرض على رسول الله ÷ شعائر الإسلام التي سمعها منه وهو يصدقه على ذلك، وكان الناس يذكرون للصحابة الأحكام فيقرون الحق وينكرون الباطل. (شرح غاية لابن جحاف). وشرط إمام الحرمين في صحة التحمل بها أن يكون بحيث لو فرض من القارئ لحن أو تصحيف لرده الشيخ. (من شرح أبي زرعة [والتصحيح منه]).

(٢) فيكفي قراءته على الشيخ مع سكوته عن الإنكار من غير ما يوجب السكوت من إكراه أو غفلة أو غير ذلك. (من مختصر المنتهى وغاية الوصول معنى).

(٣) في (أ، ب): وبعض الظاهرية يشترطون، وفي (ج، د): ويشترط بعض الظاهرية.

(٤) وفي مختصر المنتهى: فيقول: حدثنا أو أخبرنا، مقيداً ومطلقاً على الأصح، ونقله الحاكم عن الأئمة الأربعة.