(الباب الأول في الأخبار)
  والمرتبة الثالثة قوله: (أو كتابة الشيخ(١) إليه) سواء كان حاضراً أو غائباً، وهي إما أن تقترن بالإجازة أو لا، إن لم تقترن فالصحيح المشهور بين أهل الحديث والذي عليه أكثر الأصوليين أنها أقوى من الإجازة. وذهب آخرون منهم القاضي الماوردي والشافعي(٢) إلى أن الإجازة أقوى منها.
  وإن اقترنت بالإجازة فأهل المذهب الثاني ينزلونها منزلة المناولة المقرونة بالإجازة (فيقول) المكتوب إليه في عبارته: (أخبرني) وحدثني، وأخبرنا وحدثنا، من غير تقييد، وهذا رأي الأكثر من علماء المحدثين وأكابرهم.
  وقال ابن الصلاح: المختار فيها: كتب إلي فلان، وأخبرني بكذا مكاتبة أو كتابة، أو نحو ذلك. قال: وهذا هو اللائق بمذهب(٣) أهل التحري والنزاهة.
  المرتبة الرابعة قوله: (أو إجازته(٤)) أي: إجازة الشيخ، وهي أنواع، وفي كل نوع منها خلاف، وسنبين ذلك قريباً إن شاء الله تعالى.
(١) كأن يخبره أنه اتفق لنا سماع كتاب فلان. (من خط السحولي).
(*) أو يأمر غيره بكتابته عنه إما لحاضر عنده أو غائب عنه. (من شرح الجمع لأبي زرعة).
(*) ومنع الرواية بها قوم، وقال بعضهم: لا يجوز أن يروي عن الكاتب إلا أن يسلطه على ذلك فيقول: ارو عني ما كتبت إليك أو يكتب إليه ذلك، وحجة من أجازها أنها من أقسام الإعلام الحاصل بالإخبار، فهي مثله في الفائدة المعقولة، وهي حصول الظن بخبر الواحد؛ ولهذا استعمل العقلاء الكتاب إلى الغائب ونزلوه منزلة المشافهة في جميع ما يقصدون فيه طلب المنافع ودفع المضار، وكان رسول الله ÷ على ذلك، وكذلك الخلفاء من بعده. ويكفي في ذلك معرفة خط الغائب على الأصح وفيه خلاف. (من تنقيح الأنظار).
(٢) شكل عليه، وفي حاشية ما لفظه: وجه التشكيل أن هذا غير معروف عن الشافعي، إنما ذهب إليه من ذهب من أصحابه كالماوردي وغيره كما ذكره ابن الصلاح.
(٣) في نسخة: بمذاهب.
(٤) قال الأسيوطي في الإتقان: ولا يجوز ذلك إلا إذا علم أهلية المجاز له، فأما وجوبها مع حصول الأهلية قال: فيجب أيضاً، قال: وفي فتاوى الجزري ما مقتضاه أنه لا تجب الإجازة على الشيخ، ولا يسقط الرجوع عنها إذا انكشف المجاز له غير أهل، قال: وأما ما يعتاد كثير من مشائخ القرآن من امتناعهم من الإجازة إلا بتأدية مال في مقابلها فلا يجوز إجماعاً.