(الباب الأول في الأخبار)
  وثانيها: الإجازة(١) لمعين في غير معين، نحو أن يقول: أجزت لك أو لكم جميع مسموعاتي أو مروياتي، والخلاف في هذا النوع أقوى وأكثر، والجمهور على الجواز وإيجاب العمل.
  وثالثها: إجازة العموم، كأجزت للمسلمين أو لكل أحد(٢) أو لمن أدرك زماني(٣)، والخلاف في هذا النوع أقوى مما قبله، وكثير من العلماء يميلون إلى جواز إجازة العموم وإن لم يستعملها أحد من الذين يقتدى بهم.
  ورابعها: إجازة المعدوم، وإليها أشار بقوله: (لا لنسل فلان أو من يوجد من بني فلان(٤) على الأصح) من القولين؛ لأن الإجازة في حكم الإخبار بالمجاز جملة على ما قدمناه، فلا يصح للمعدوم كما لا يصح إخباره.
  وذهب بعض المحدثين(٥) والأصوليين إلى جوازها بناء على أن الإجازة إذن لا محادثة، ويلزم عليه جوازها لمن لم يوجد مطلقاً، ولا قائل به.
  قال ابن الصلاح: لو قدرنا أنها إذن لم تصح للمعدوم كما لا يصح الإذن في باب الوكالة للمعدوم؛ لوقوعه في حال لا يصح فيها المأذون فيه(٦) من المأذون له.
(قوله): «لا يصح فيها المأذون فيه» وهو البيع مثلا.
(١) في غاية الوصول: إما أن تكون الإجازة للموجود أو للمعدوم، والأولى إما أن تكون منحصرة في شخص بعينه أو غير منحصرة، فالأولى وهي الإجازة لشخص معين بأن يقول الشيخ: أجزت لك أن تروي عني الكتاب المعين هل هي جائزة أم لا؟ اتفق الأكثر على جوازها، خلافاً لأبي حنيفة وأبي يوسف.
(٢) في نسخة: واحد.
(٣) أن يروي عني الكتاب الفلاني، ثم لعام في عام كأجزت للمسلمين أن يرووا عني جميع مسموعاتي. (شرح غاية لابن جحاف). قال الحاكم |: الذي أختاره وعهدت عليه أكثر مشائخي وأئمة عصري أن يقول فيما عرض على المحدث فأجاز له روايته مشافهة: أنبأني فلان، وكان البيهقي يقول: أنبأنا فلان إجازة. (تنقيح [والتصحيح منه]).
(٤) هذه للمعدوم ابتداء ولو كان له نوع تعيين، كتقييده بكونه من ورثة فلان. (من شرح الغاية لابن جحاف).
(٥) هو الخطيب.
(٦) كالبيع مثلاً.