هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 379 - الجزء 2

  وثانيها: الإجازة⁣(⁣١) لمعين في غير معين، نحو أن يقول: أجزت لك أو لكم جميع مسموعاتي أو مروياتي، والخلاف في هذا النوع أقوى وأكثر، والجمهور على الجواز وإيجاب العمل.

  وثالثها: إجازة العموم، كأجزت للمسلمين أو لكل أحد⁣(⁣٢) أو لمن أدرك زماني⁣(⁣٣)، والخلاف في هذا النوع أقوى مما قبله، وكثير من العلماء يميلون إلى جواز إجازة العموم وإن لم يستعملها أحد من الذين يقتدى بهم.

  ورابعها: إجازة المعدوم، وإليها أشار بقوله: (لا لنسل فلان أو من يوجد من بني فلان⁣(⁣٤) على الأصح) من القولين؛ لأن الإجازة في حكم الإخبار بالمجاز جملة على ما قدمناه، فلا يصح للمعدوم كما لا يصح إخباره.

  وذهب بعض المحدثين⁣(⁣٥) والأصوليين إلى جوازها بناء على أن الإجازة إذن لا محادثة، ويلزم عليه جوازها لمن لم يوجد مطلقاً، ولا قائل به.

  قال ابن الصلاح: لو قدرنا أنها إذن لم تصح للمعدوم كما لا يصح الإذن في باب الوكالة للمعدوم؛ لوقوعه في حال لا يصح فيها المأذون فيه⁣(⁣٦) من المأذون له.


(قوله): «لا يصح فيها المأذون فيه» وهو البيع مثلا.


(١) في غاية الوصول: إما أن تكون الإجازة للموجود أو للمعدوم، والأولى إما أن تكون منحصرة في شخص بعينه أو غير منحصرة، فالأولى وهي الإجازة لشخص معين بأن يقول الشيخ: أجزت لك أن تروي عني الكتاب المعين هل هي جائزة أم لا؟ اتفق الأكثر على جوازها، خلافاً لأبي حنيفة وأبي يوسف.

(٢) في نسخة: واحد.

(٣) أن يروي عني الكتاب الفلاني، ثم لعام في عام كأجزت للمسلمين أن يرووا عني جميع مسموعاتي. (شرح غاية لابن جحاف). قال الحاكم |: الذي أختاره وعهدت عليه أكثر مشائخي وأئمة عصري أن يقول فيما عرض على المحدث فأجاز له روايته مشافهة: أنبأني فلان، وكان البيهقي يقول: أنبأنا فلان إجازة. (تنقيح [والتصحيح منه]).

(٤) هذه للمعدوم ابتداء ولو كان له نوع تعيين، كتقييده بكونه من ورثة فلان. (من شرح الغاية لابن جحاف).

(٥) هو الخطيب.

(٦) كالبيع مثلاً.