(الباب الأول في الأخبار)
  والثاني: ما يسميه المحدثون تدليس التسوية، وهو أن يروى حديثاً عن شيخ ثقة غير مدلس، وذلك الثقة يرويه عن ضعيف عن ثقة، فيسقط المدلس الذي سمع من الثقة الأول(١) الضعيفَ الذي في السند(٢) فيكون رجالُ الإسناد كله ثقات(٣).
  وقد اختلف في قبول من شأنه التدليس، فرد بعض أهل الحديث والفقهاء حديث من دلس تدليس الإسناد أو تدليس التسوية وجعلوه بالتدليس مجروحاً، وسواء جاء بلفظ مبين للاتصال نحو سمعت وحدث وأخبر أو بلفظ محتمل كعن وقال وأشباههما.
  وجمهورهم على التفصيل، فيقبلون ما رواه بلفظ مبين للاتصال ويردون ما رواه بلفظ محتمل.
  وأما تدليس الشيوخ فقال ابن الصلاح: أمره أخف(٤)، ويختلف الحال في كراهته بحسب الغرض الحامل عليه.
  والصحيح في الجميع ما أفاده المتن بقوله: (فإن كانا) أي: التدليس بالتسمية بغير المشهور والإسقاط (لضعف) في المسمى بغير اسمه المشهور وفي المسقط من السند وغرض المدلس بذلك قبول حديثه (فغش) منه يُجرح به فلا يقبل ذلك الحديث منه ولا غيره (وإلا) يكن ذلك لأجل الضعف بل لغرض آخر مثل كون الشيخ
(قوله): «الذي سمع» صفة المدلس، والضعيف مفعول يسقط.
(١) وهذا شر أنواع التدليس؛ لأن شيخه وهو الثقة الأول قد لا يكون معروفاً بالتدليس، فلا يحترز الواقف على السند من عنعنته وأمثالها من الألفاظ المحتملة التي لا يقبل مثلها من المدلسين، ويكون هذا المدلس الذي يحترز من تدليسه قد أتى بلفظ السماع الصريح من شيخه فأمن بذلك من تدليسه. (تنقيح).
(٢) ويجعل الحديث عن شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل. (تنقيح).
(٣) ولهذا سمي تدليس التسوية. (تنقيح).
(٤) قلت: وإنما كان أخف لأنه قد زال الغرر؛ فإن شيخه الذي دلس اسمه إما أن يعرف فيزول الغرر، أو لا يعرف فيكون في الإسناد مجهول كما قال زين الدين. (تنقيح).