هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 392 - الجزء 2

  ولما كان بعض التدليس داخلاً في الإرسال على ما سبق من تعريفه حسن اتباعه به فقال: (والتدليس⁣(⁣١)) يكون (إما بتسمية) الشيخ المروي عنه (بغير المشهور) من اسم أو كنية أو لقب أو نسبة إلى قبيلة أو بلد أو صنعة أو نحو ذلك⁣(⁣٢)، وهذا النوع يسميه أهل الحديث تدليس الشيوخ.

  (أو) يكون التدليس بسبب (إسقاط) لبعض رجال السند، وهو نوعان: أحدهما: ما يسميه المحدثون تدليس الإسناد، وهو أن يسقط الراوي اسم شيخه الذي سمع منه ويرتقي إلى شيخ شيخه بـ «عن» أو «أن [أنه/نخ]» أو قال.


(قوله): «ولما كان بعض التدليس» وهو ما كان فيه إسقاط.

(قوله): «أو كنية» كأبي عبدالله، يعني الذهبي تشبيها بالحاكم صاحب المستدرك.

(قوله): «أو لقب» نحو أن يقول: حدثني الحاكم ويريد غير صاحب المستدرك.

(قوله): «أو أن» نحو أن يقول: إنه قال كذا.


(١) هو في اللغة الخدع والخيانة وإراءة أن الأمر على خلاف ظاهره على وجه يقبح؛ ليحترز عما يكون على وجه يحسن، كإراءة الرجل غيره أنه لا يتصدق ولا يكثر العبادة وهو في الباطن مخالف لذلك محبة لإخلاص العمل لله، نص عليه القاضي عبدالله بن حسن. (شرح فصول).

(*) التدليس قسمان: أحدهما: تدليس الإسناد، وهو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه موهماً أنه سمعه منه، أو عمن عاصره ولم يلقه موهماً أنه قد لقيه وسمعه منه. ثم قد يكون بينهما واحد وقد يكون أكثر. ومن شأنه أن لا يقول في ذلك: أخبرنا فلان ولا حدثنا وما أشبههما، وإنما يقول: قال فلان أو عن فلان ونحو ذلك. مثال ذلك: ما روينا عن علي بن خشرم قال: كنا عند ابن عيينة فقال: الزهري، فقيل له: حدثكم الزهري؟ فسكت ثم قال: الزهري، فقيل له: سمعته من الزهري؟ فقال: لا لم أسمعه من الزهري ولا ممن سمعه من الزهري، حدثني عبدالرزاق عن معمر عن الزهري. اهـ المراد من كتاب ابن الصلاح عند ذكر التدليس.

(*) قال زين الدين: التدليس ثلاثة أقسام، ذكر ابن الصلاح منها قسمين. قلت: وفي أقسام التدليس قسم رابع لم يذكره ابن الصلاح ولا زين الدين، وهو أن يقول المدلس: حدثنا فلان وفلان وينسب السماع إلى شيخين فأكثر، ويصرح بالسماع ويقصد قصر اتصال السماع على أول من ذكر، أويوهم بعطف الثاني عليه أنه سمعه منه وإنما سمع من الأول، ويجعل الثاني مبتدأ خبره ما بعده مما يصح فيه ذلك أو نحوه من التأويلات المخرجة له عن تعمد الكذب، وحكى الحاكم هذا النوع عن هشيم، وحكم فاعله حكم الذي قبله، يعني تدليس التسوية. (تنقيح الأنظار).

(٢) كي يوعر الطريق إلى معرفة السامع له، كقول أبي بكر بن مجاهد أحد أئمة القراء: حدثنا عبدالله بن أبي عبدالله، يريد به عبدالله بن أبي داود السجستاني. (من تنقيح الأنظار).