(الباب الأول في الأخبار)
  وقد فرق بعض أهل الحديث فرد الزيادة إن كان راويها راوي الحديث ناقصاً، وقبلها إذا كان غيره، ولا وجه للفرق إلا البناء على القول بمنع حذف بعض الخبر، والصحيح الجواز كما يجيء قريباً إن شاء الله تعالى.
  (وكالزيادة ما أسنده) الواحد العدل (و) الباقون (أرسلوه) بأي وجوه الإرسال (أو رفعه) إلى الرسول ÷ (و) الباقون (وقفوه) على الصحابي(١)، وكذلك ما أسنده واحد تارة وأرسله أخرى، أو رفعه تارة ووقفه أخرى، وهذا كحديث أبي الزبير(٢) عن جابر قال: قال رسول الله ÷: «ما ألقى البحر أو جزر عنه(٣) فكله فلا بأس به، وما وجدته طافياً فلا تأكله»، وقد رواه الثوري وحماد بن سلمة موقوفاً عن جابر.
  (و) قد اختلف في (حذف بعض) من الخبر (لا يتعلق بالمذكور(٤)) من ذلك الخبر، وذلك حيث يكون المتروك متميزاً(٥) عما نقله غير متعلق به بحيث لا يختل
(١) فيقبل الرفع. (معيار) وكذلك الإسناد منه أيضاً لأن الصحابي ربما يسند الخبر مرة فيسمع سامع فيصله، أي: يرفعه، وربما يفتي به مرة فيسمع سامع فيقفه عليه. (من عقد القرشي).
(٢) ضبط في نسخة بفتح الزاي والصحيح الضم كما هو معروف عند أهل الحديث واسمه محمد بن مسلم.
(٣) أي: ما انكشف عنه الماء. (نهاية).
(٤) وأما إذا تعلق بالمذكور تعلقاً يغير المعنى كما في الغاية نحو: لا تباع النخلة حتى تزهى[١]، أو الاستثناء نحو: «لا يباع مطعوم بمطعوم إلا سواء بسواء» لم يجز حذفه؛ لاختلال[٢] المعنى المقصود. (عضد). يقال: أزهى النخل يزهو إذا ظهرت ثمرته، وأزهى يزهي إذا احمر أو اصفر. (نهاية).
(٥) كقوله ÷: «الزعيم غارم، والعارية مؤداة»، فيجوز نقل أحد الحكمين وترك الآخر، أما لو كان للمحذوف تعلق بالمذكور كأن يكون غاية له نحو: لا يباع التمر حتى يزهي أو مستثنى منه نحو: «لا يباع البر إلا سواء بسواء» فلا يجوز حذفه، وهذا قول الأكثر، ذكره في الفصول، وقد حكي عن الجويني وغيره قولان: الجواز والمنع، والتجويز مع تعلق المحذوف بالمذكور بعيد، وقد حكي عن الصفي الهندي أنه لا خلاف في منعه. (شرح غاية لجحاف).
[١] فلو نقل الراوي الحكم من غير ذكر الغاية لاختل مراد الشارع. (غاية الوصول [ولفظها: لاختل الشرع]).
[٢] في المطبوع: إلا سواء لم يجز حذفه لإخلال. والمثبت من العضد.