[فصل: في شروط العمل بأخبار الآحاد]
  مخالفة الصحابي بسبب ما اعتقده ناسخاً (فيه(١)) أي: فيما رواه، وذلك (كحمله للظاهر) الذي رويه (على خلافه) أي: على خلاف ظاهره(٢) فإنه لا يقدح فيه أيضاً (على الأصح فيهما) يعني في النص والظاهر، وذلك لأنه ربما يترك الظاهر لاجتهاد، ولا يلزمنا اجتهاده، وربما يظن غير الناسخ ناسخاً فيترك النص مع أن الواجب اتباعه؛ ولهذا قال الشافعي |: كيف أترك الحديث لأقوال قوم(٣) لو عاصرتهم لحاججتهم بالحديث.
  وذهب بعض الحنفية إلى وجوب العمل بتأويل الراوي وتخصيصه(٤)؛ ولذلك حملوا رواية أبي هريرة في غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعاً على الندب لأن أبا هريرة كان يقتصر على الثلاث.
  قالوا: لأنك إما أن تحسن الظن بالراوي أو لا، وعلى الأول يجب الحمل على ما حمله، وعلى الثاني يمتنع العمل بروايته.
  والجواب: أنهم إن أرادوا بإحسان الظن به اعتقاد أن ما حمل عليه هو المراد فلا نسلم أنه لو لم يُحْسِن الظن هكذا امتنع العمل؛ لأنه يحسن الظن به لغير ذلك، بأن يقال: حاله مترددة بين خطأ في الاجتهاد والأخذ من الدليل وبين أن يكون مأخذه
(قوله): «ولا يلزمنا اجتهاده» إلا علياً كرم الله وجهه، ذكره في حواشي الفصول.
(قوله): «لحاججتهم بالحديث» يعني الذي طرحوه. وفي شرح المختصر: لحججته أي: الصحابي؛ لأن قوله ليس بحجة.
(قوله): «لو لم يحسن الظن هكذا» أي: بأن يعتقد أن ما حمل عليه هو المراد.
(قوله): «امتنع العمل» بروايته للقدح فيه.
(قوله): «لغير ذلك» أي: لغير الاعتقاد.
(قوله): «بأن يقال: حاله مترددة ... إلخ» أي: ومع التردد بين ما ذكره المؤلف # يتم تحسين الظن به لغير ذلك الاعتقاد الأول من تلك الأمور.
(قوله): «بين خطأ في الاجتهاد، وقوله: والأخذ من الدليل» يعني الذي تأوله، وهذا كالتفسير لقوله: الاجتهاد.
(١) قال صاحب الفصول: غالباً، قال الشارح: احتراز ممن فعله وقوله حجة كأمير المؤمنين # فإنه يتعارض قوله وفعله، فيعمد إلى الترجيح.
(٢) كحمله له على المعنى المجازي. (غاية الوصول).
(٣) يعني الصحابة.
(٤) ونسخه.