(الباب الأول في الأخبار)
  من دليل يراه حجة دون غيره من المجتهدين، كما عرف من مخالفة مالك لخبر خيار المجلس(١) بما رواه من إجماع أهل المدينة على خلافه، وبين نسيان(٢) لما رواه أو لغير ذلك مما لا يقدح في عدالته.
  وإن أرادوا أن إحسان الظن به تجويز كون المراد ما حمل عليه فذلك لا يقتضي وجوبه.
  قالوا ثانياً: الصحابي لمشاهدته ÷ أعرف بمقاصده.
  قلنا: الاجتهاد فيهم شائع، والخطأ عليهم جائز، فلا نخالف بأقوالهم وأفعالهم ظاهر السنة.
  وذهب القاضي(٣) عبدالجبار وأبو الحسين البصري إلى أنه إن أمكن معرفة وجه لمذهب الصحابي فالاجتهاد، وإلا وجب العمل بمذهبه؛ وذلك لأنه لا يخالف الظاهر إلا لوجه؛ لأنه الظاهر من دينه، فإذا لم يكن فيما نعرفه من النصوص ووجوه
(قوله): «من إجماع أهل المدينة» لأنه ينعقد الإجماع بهم عنده كما سبق.
(قوله): «وإن أرادوا» عطف على قوله: إن أرادوا.
(قوله): «تجويز كون المراد» يعني بغير اعتقاد لذلك ولا جزم به كما في الطرف الأول.
(قوله): «فذلك» أي: التجويز «لا يقتضي وجوبه» أي: وجوب كون المراد ما حمل عليه.
(قوله): «فالاجتهاد» أي: يحمل على الاجتهاد من الصحابي، فلا يجب العمل به.
(١) في البيع.
(٢) عطف على قوله: بين خطأ وبين أن يكون مأخذه ... إلخ.
(٣) في شرح أبي زرعة للجمع في سياق حكاية الأقوال في هذه المسألة ما لفظه: الثالث وبه قال أبو الحسين البصري: أنه يحمل على تأويله إن صار إليه؛ لعلمه بقصد النبي ÷ من مشاهدة قرائن تقتضي ذلك، فإن جهل وجوز أن يكون لظهور نص أو قياس أو غيرهما وجب النظر في الدليل، فإن اقتضى ما ذهب إليه عمل به، وإلا فلا. اهـ ونحو هذا في غاية الوصول، ولفظه: وقال عبدالجبار: إن لم يكن لذلك التأويل وجه سوى أنه علمه من قصد الرسول ÷ وجب اتباعه، وإلا وجب النظر، وهو مذهب أبي الحسين البصري، وهو عندي قوي. اهـ ونحوه أيضاً في شرح التحرير لابن الهمام، ولفظه: وقال عبدالجبار وأبو الحسين البصري: إن علم أن الصحابي إنما صار إلى تأويله لعلمه بقصد النبي ÷ وجب العمل به، وإن جهل ذلك وجاز كونه لدليل ظهر له من نص أو قياس أو غيرهما وجب النظر في ذلك الدليل، فإن اقتضى ما صار إليه، صير إليه وإلا وجب العمل بالظاهر.