[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  خلافه كما سبقت(١) الإشارة إليه.
  إذا عرفت ذلك فما ذكرناه من أن الأمر حقيقة فيه متفق عليه(٢)، وإنما الخلاف في أنه هل له معنى آخر غير ما ذكرناه يطلق عليه حقيقة أم لا، فالمختار وعليه أكثر الناس أنه مجاز فيما عداه(٣)؛ لما ذكرناه من التبادر عند الإطلاق، ولأن حمل اللفظ على المجاز إذا دار بينه وبين الاشتراك أولى.
  (وقيل) بأنه (مشترك بين ذلك) المعنى(٤) الذي عرفته (و) بين (الشأن) نحو: إن وراء الموت أمراً عظيماً(٥) (والغرض) والداعي نحو: لأمرٍ مّا جدع قصير أنفه، أي: لغرضٍ وداعٍ.
(قوله): «من أن الأمر حقيقة فيه متفق عليه» لعله أراد أن كون الأمر حقيقة في القول متفق عليه، وهذا كما في الفصول، ويرد عليه ما ذكره في شرح الجوهرة من أن بعض المجبرة ممن يثبت الكلام النفسي يجعله حقيقة في الكلام النفسي مجازاً في القول، وقد ذكره أيضاً في الفصول، وأجاب في حواشي الفصول بأن ما ذكره هذا البعض مردود حادث فلم يعتد به.
(١) قد تقدم أن المكلف به في النهي فعل هو الكف، وهو مخالف لما هنا كما ترى. (منقولة). هذا غير مخالف لما تقدم؛ لأنه إنما حكى قوله فيما تقدم: قيل المكلف به في النهي فعل هو الكف عن جمهور الأشعرية وأبي علي الجبائي وأبي القاسم البلخي ومن معهم كما تقدم ولم يجزه، بل صرح بعدم اختياره حيث قال: ولا نسلم أنه ليس أثراً؛ فإن استمراره يصلح لذلك.
(٢) وهاهنا بحث، وهو أنه إن أريد بالقول النفسي واللفظي كلاهما لم يكن ذلك اتفاقاً؛ لخلاف المعتزلة في النفسي، وإن أريد به اللفظي فقط فاللفظ المخصوص إنما هو صيغة «افعل» ونحوها مما يؤدي معناها، ولا اتفاق على كونه حقيقة فيها مطلقة ولا مقيدة بوجوب؛ لخلاف من يرى أنها حقيقة في الندب مجاز في الوجوب، ولا بندب؛ لخلاف من يرى أنها حقيقة في الوجوب. (شرح مختصر للجلال).
(٣) فإن قيل: ما العلاقة؟ قلت: الظاهر أنه لما كان الشأن العظيم باعثاً على الفعل - فإن العاقل إذا علم أن بعد الموت شأناً عظيماً عمل لما بعده - شابه «افعل» مثلاً في البعث عليه، فاستعمل فيه ما دل عليه بحسب الوضع، وهو لفظ الأمر مجازاً، فهو فيه استعارة، وقس عليه الغرض وجهة التأثير، والله أعلم. (من أنظار سيد محمد بن زيد بن الحسن ¦).
(٤) اشتراكاً لفظياً.
(٥) وأمر فلان عظيم، أي: حاله وشأنه، فيدخل فيه أفعاله وغير أفعاله؛ لما علم أن لفظة الأمر لا تفيد ذلك إلا من قبيل دخولها تحت ما يفيده من الشأن. (من تحرير العنسي |).