هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 444 - الجزء 2

  أحدهما: أن العلم بكون صيغة افعل أمراً يحصل من إطلاقها بالضرورة، وادعاء تميزها به يقتضي تقدم العلم به عليها؛ ضرورة توقف العلم بالشيء على العلم بما يميزه.

  والثاني: أن ما ذكروه⁣(⁣١) يقتضي أن لا يعلم كونها أمراً إلا بكونها، وهو توقف الشيء على نفسه⁣(⁣٢)، وأيضاً صيغة الأمر⁣(⁣٣) دالة بالوضع على معناها، وهو عندهم⁣(⁣٤) إرادة المأمور به، وإذا كانت الإرادة نفس المدلول وجب أن لا تفيد⁣(⁣٥) الصيغة الدالة عليها صفة قياساً على سائر المسميات.


(قوله): «يحصل» أي: العلم بكون الصيغة أمراً «من إطلاقها» أي: الصيغة «بالضرورة» إذ لو لم يتلفظ بصيغة افعل لم تعلم صفته، وهي كونه أمراً؛ إذ الصفة فرع التلفظ بالصيغة، فالعلم بالكون متوقف على إطلاق الصيغة.

(قوله): «وادعاء تميزها» أي: الصيغة «به» أي: بكونها أمراً «يقتضي تقدم العلم به» أي: بكونها أمراً «عليها» أي: على الصيغة، أي: على إطلاقها؛ إذ لو لم تتميز الصيغة عن غيرها لم يطلقها الآمر، فقد توقف حصول الصفة ... وهي الكون ... على التلفظ بها، وتوقف التلفظ بها على تميزها عند اللافظ، وبهذا يتضح الكلام، فلا يتوهم أنه ذكر توقف الكون على الإطلاق ولم يذكر توقف الإطلاق على الكون، ولئلا يظن أن الصفة لا تتوقف على إطلاقها، وأن تميز الصيغة بالكون لا يقتضي تقدمها على الإطلاق.

(قوله): «إلا بكونها» أي: كونها المعهود الذي تميزت به، وهو كونها أمراً.

(قوله): «وأيضاً صيغة الأمر» استدلال أخر لما هو الحق، فهو معطوف على معنى مجموع ما تقدم.

(قوله): «وهو عندهم» أي: أصحابنا «إرادة المأمور به» هذا على ما هو المشهور عن المعتزلة كما يأتي قريباً.

(قوله): «أن لا تفيد» أي: الإرادة، وقوله: الصيغة مفعول تفيد.

(قوله): «قياساً على سائر المسميات» فإن مسمى إنسان مثلاً لا يفيد صفة للفظ إنسان، وذلك ظاهر.


(١) من إثبات الصفة المميزة.

(٢) وجه التوقف ما نقل عن الدواري من أن تعلق الإرادة بكون الصيغة أمراً فرع على ثبوت الحكم، أي: ثبوت كونها أمراً ... إلخ ما في سيلان فراجعه.

(٣) رجوع إلى الاستدلال على ما هو الحق، يعني وأيضاً مع ما تقدم من الاستدلال بالاتفاق وبالإلزام بما ذكر من الدور، فهو معطوف ... إلخ ما في سيلان.

(٤) كما ذكره أبو الحسين فيما يأتي قريباً، وأما ابن الحاجب فإنما نسبه إلى بعضهم.

(٥) أي: الإرادة، ضبط هكذا في نسخة تلميذ المصنف، وأشير إلى أن في تفيد ضمير الإرادة، فليحقق الكلام ففيه قلق. (من خط الوالد زيد بن محمد |). الضبط صحيح ولا قلق في الكلام على ما حققه العلامة سيلان، فليرجع إليه.