هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الأوامر]

صفحة 447 - الجزء 2

  البخاري ومسلم من حديث عمر المذكور، وما ذكره في المستصفى والمحصول من أنه قاله ÷ لابن عباس لم يعرف.

  وأما الإرشاد فكقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ}⁣[البقرة: ٢٨٢]، وقوله تعالى: {فَاكْتُبُوهُ}⁣[البقرة: ٢٨٢]، وإنما أفردا بالذكر لأن الغزالي في المستصفى جعلهما مغايرين للمندوب، ووافقه الرازي وصاحب الفصول وغيرهما في الإرشاد، والفرق بينهما وبين المندوب⁣(⁣١) هو الفرق بين العام والخاص⁣(⁣٢)، أما التأديب فلأنه يختص بمحاسن الأخلاق، وأما الإرشاد فلأنه يختص بمنافع الدنيا، والندب يعم محاسن الأخلاق ومنافع الدنيا إذا قصد فيهما العمل بما أدب وأرشد إليه الكتاب والسنة وغيرهما⁣(⁣٣).

  ومنهم من فرق بين التأديب والندب بأن بينهما عموماً وخصوصاً من وجه؛ لأن الأدب يتعلق بمحاسن الأخلاق أعم من أن يكون لمكلف وغيره، ويدل عليه أن عمر بن أبي سلمة كان إذ ذاك صغيراً؛ ولهذا جاء في بعض الروايات: «يا غلام⁣(⁣٤) سم الله ...» إلى آخره.


(قوله): «إذا قصد فيهما العمل ... إلخ» لتثبت فيهما الإثابة على فعلهما فتثبت الندبية.

(قوله): «وغيرهما» منصوب عطف على محاسن الأخلاق.


(١) لو قال: الندب لكان أحسن.

(٢) من وجه. قال ابن أبي شريف ناقلاً عن السبكي: والتحقيق أن الذي فعل ما أمر به إرشاداً إن أتى به لمجرد غرضه فلا ثواب له، وإن أتى به لمجرد الامتثال غير ناظر إلى مصلحته ولا قاصد سوى مجرد الامتثال لأمر ربه فيثاب، وإن قصد الأمرين أثيب على أحدهما دون الآخر، ولكن ثواباً أنقص من ثواب من لم يقصد غير مجرد الامتثال. اهـ وقد أشار المؤلف إلى أن العموم والخصوص من وجه بقوله بعد: إذا قصد فيهما العمل بما أدب وأرشد إليه الكتاب ... إلخ. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد). والظاهر أن المؤلف | أراد العموم المطلق فتأمل.

(٣) من أعمال الآخرة.

(٤) الغُلامُ: الطارُّ الشارِبِ ... أو من حينِ يولَدُ إلى أن يَشِبَّ. ج: أغْلِمَةٌ وغِلْمَةٌ وغِلْمانٌ. (من القاموس المحيط باختصار).