[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  والندب يختص بالمكلفين، وهو أعم لشموله لمحاسن الأخلاق وغيرها، وبين الإرشاد والندب(١) بأن الأول لا ثواب فيه، والثاني فيه الثواب(٢). ويمكن الدفع(٣) بأن الخطاب وإن كان لعمر بن أبي سلمة فالمراد به التأديب لكل الأمة، فلا يضر مع ذلك صغره ولا يخرج الأدب عن أن يكون مندوباً، كما أن أمر الصبي بالصلاة لسبع لا يخرجها عن كونها واجبة(٤)، وبأن الظاهر أن من قصد الاقتداء والعمل بإرشاد الكتاب والسنة لا يحرم الثواب.
  والعلاقة بين الندب والوجوب إطلاق اسم(٥) المقيد على المطلق؛ لأن المعنى الحقيقي للصيغة هو طلب الفعل مع المنع من الترك، فاستعملت في مطلق الطلب.
  (و) الثالث: استعمالها (في الإباحة(٦)) كقوله تعالى: {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ}[المؤمنون: ٥١]، ومنها الإذن(٧) كقولك لمن طرق الباب: ادخل، وكقوله تعالى: {وَإِذَا
(قوله): «وبين الإرشاد» عطف على بين التأديب.
(قوله): «لكل الأمة» فيكون الندب أعم مطلقاً.
(قوله): «وبأن الظاهر» عطف على بان الأول[١].
(قوله): «ومنها» أي: الإباحة الإذن.
(١) وكذا ذكره الرازي في المحصول، وعبارته: والفرق بين الندب والإرشاد أن الندب لثواب الآخرة والإرشاد لمنافع الدنيا؛ فإنه لا ينتقص الثواب بترك الإشهاد في المداينات ولا يزيد بفعله.
(٢) فهما متباينان.
(٣) للفرقين وتقرير الدفع الذي قبلهما. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد |).
(٤) في حاشية: ينظر في تساوي الصورتين.
(٥) سماه اسماً لأن الاسم في اللغة هو اللفظ الدال على الشيء بالوضع كما تقدم في: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}[البقرة: ٣١].
(٦) ثم إنه يجب أن تكون الإباحة معلومة من غير الأمر حتى تكون قرينة لحمله على الإباحة كما وقع العلم به هنا. (أسنوي).
(٧) صيغة الأمر موضوعة للطلب مع المنع من ترك المطلوب، والإذن لازم للموضوع له، فالعلاقة حينئذ إطلاق الصيغة في لازم الموضوع له فتأمله، والله أعلم. (ع).
[١] ينظر؛ فإن الواضح والصواب عطفه على بأن الخطاب، ويكون قوله: بأن الخطاب دفعاً لجهة عمومية التأديب، وقوله: وبأن الظاهر دفعاً لعمومية الإرشاد كما لا يخفى على المتأمل، ولعله سهو منه |. (ح عن خط شيخه).