[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  (وقيل:) إنها حقيقة (في) القدر المشترك بين الثلاثة، وهو (الإذن) حكى هذا القول ابن الحاجب في مختصره.
  (وقيل:) بل هي حقيقة (في الثلاثة) التي هي الوجوب والندب والإباحة (و) في (التهديد) موضوعة لها بالاشتراك اللفظي وهذا القول يعزى إلى الإمامية.
  (وقيل:) بل هي حقيقة (فيها) أي: في هذه الأربعة (وفي الإرشاد) حكى هذا القول الغزالي في المستصفى وغيره (و) ترد صيغة الأمر (مجازاً في البواقي) أما فيما عدا هذه(١) الخمسة فبالاتفاق، وأما فيها فعلى حسب الخلاف، فهذه أحد عشر قولاً، وقد روي غير هذه الأقوال تركناها لظهور ضعفها وشذوذ القائل بها.
  والحجة (لنا) على صحة المذهب الأول المعقول والمنقول، أما المعقول - ونعني به الاستفادة من موارد اللغة لا إثبات اللغة بالقياس أو الترجيح - فلأنا نقطع بحسن (ذم العقلاء) من أهل اللغة قبل ورود الشرع (لعبد لم يمتثل) أمر سيده
(قوله): «والحجة لنا المعقول والمنقول» أي: دل على كونه للوجوب لغة المعقول، وعلى كونه للوجوب شرعاً المنقول؛ إذ لا يصح أن يدل كل من المعقول والمنقول على مجموع الوجوب لغة وشرعاً. وعبارة شرح الفصول للشيخ ¦: أما اللغة فلأن العقلاء من أهلها يستحسنون ذم العبد ... إلخ، وأما الشرع فما تقدم من إجماع الصحابة ... إلخ.
(قوله): «أما المعقول ونعني به الاستفادة من موارد اللغة» حاصله الاستقراء والتتبع لموارد استعمال أهل اللغة.
(قوله): «لا إثبات اللغة بالقياس» يعني ليس المراد بالمعقول هنا الاستدلال بالقياس، أي: إلحاق ما لم يستعمل لغة في الوجوب على ما استعمله أهل اللغة فيه بجامع كما في القياس ليرد أن اللغة لا تثبت بالقياس كما تقدم، بل المراد الاستدلال بمجرد الاستقراء المفيد لظهور الصيغة عند أهل اللغة في الوجوب. وقوله: «أو الترجيح» يعني الترجيح العقلي، كأن يقال: قول القائل: افعل مثلا يقتضي إيقاع الفعل، وليس لجواز تركه لفظ منه، فيجب المنع من تركه، وإذا لم يجز تركه فقد وجب. واعلم أن قول المؤلف # أما المعقول ونعني به الاستفادة من موارد اللغة ... إلخ دفع لما يتوهم من أن المراد بالمعقول ما استدل به في شرح الفصول للقائل بأنه يدل على الوجوب عقلاً، وهو ما عرفت من الترجيح العقلي، فصرح المؤلف # بما هو المراد بالمعقول هنا لئلا يرد ما ذكره الشيخ العلامة في شرح الفصول من أن أئمتنا لا يثبتون دلالة العقل على كون الأمر للوجوب بما استدل به هذا القائل، والله أعلم.
(١) في شرح الأسنوي على المنهاج: واستفدنا من كلام ابن برهان أنه حقيقة في التعجيز والتكوين أيضاً. اهـ فينظر في دعوى الاتفاق.