هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 492 - الجزء 2

  استدل (الأول) بوجوه، منها: لو جاز (التأخير) للمأمور به عن أول أوقات الإمكان لأدى إلى أقسام باطلة كلها، ومستلزم الباطل باطل.

  بيان ذلك: أنه لا يخلو (إما) أن يجوز للتأخير (إلى غاية معينة) نحو أن يقال للمكلف: إلى الوقت العاشر أو اليوم الفلاني ولا تؤخره عنه، (وهو غير المتنازع) لأن الخلاف في المطلق، والمقيد بوقت غير المطلق.

  (أو) إلى غاية (محدودة بظن) نحو أن يقال: إذا غلب على ظنه أنه إن لم يشرع في أداء المأمور به فاته (و) هذا (قد لا يقع) لكثير من المكلفين (لغلبة الأمل وهجوم الموت) فإن حب الحياة يقوي الأمل ويضعِّف الخوف لهجوم الموت، وذلك يقتضي أن لا يتحتم عليهم، وظاهر الأمر يقتضي تحتمه.

  (وإما) أن يجوز (إلى غير غاية من غير بدل⁣(⁣١) فيلحق بالنافلة) لانتقاض وجوبه بارتفاع التحتم.

  (أو) يجوز تأخيره إلى غير غاية مع وجوب (بدل وهو) أي: البدل إما (العزم، و) هو (لا يجب كما سبق) في مسألة الواجب الموسع، فلا يكون بدلاً؛ لما عرفت من أنه لا يجوز التخيير بين واجب⁣(⁣٢) وغير واجب.

  (أو الوصية، و) هي (لا تعم) جميع العبادات⁣(⁣٣) لأنها لا تثبت كلها بالوصية (وتلزم الوصية بها) لأنه إذا جاز أن يكون أمر الله تعالى لنا بفعل لا يمنع من العزم⁣(⁣٤)


(قوله): «وتلزم الوصية» الظاهر أنه معطوف على قوله: لا يعم، والمعنى وهي تلزم.

(قوله): «بها» أي: بالوصية، فيلزم التسلسل ويؤدي إلى بطلان الوجوب، فقول المؤلف #: لأنه إذا جاز أن يكون ... إلخ بيان للزوم، وقوله: لا يمنع، أي: أمر الله، وقوله: جاز جواب إذا، وفي بعض النسخ لجاز.


(١) وهو العزم أو الوصية.

(٢) وهو الأمر المطلق، أو غير واجب وهو العزم.

(*) وأورد بأنه قد ورد التخيير بين فعل المسنون وسجود السهو، وبين ابتداء السلام والرد.

(٣) لخروج الصيام والصلاة.

(٤) المناسب في العبارة إسقاط لفظ «العزم» ويقال: لا يمنع من الإخلال به؛ إذ لا فائدة في ذكره.