[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  أخر وأوقع الفعل المقتضى في آخر الزمان لم يقطع بخروجه عن عهدة(١) الخطاب، وهذا هو المختار.
  ثم قال بعد أن ذكر متمسك كل قوم وما عليه من النقوض: وإذا نجزت المباحثة عن هذه المآخذ فالذي أقطع به أن المطالب مهما أتى بالفعل فإنه بحكم الصيغة المطلقة موقع للمطلوب، وإنما التوقف في أمر آخر، وهو أنه إذا بادر لم يعص، وإن أخر فهو مع التأخير ممتثل لأصل المطلوب، وهل يتعرض(٢) للإثم بالتأخير؟ فيه التوقف.
  فأما وضع التوقف في أن المؤخر هل يكون كمن يوقع ما طلب منه وراء الوقت الذي يتأقت به الأمر حتى لا يكون ممتثلاً أصلاً فهذا بعيد؛ لأن الصيغة مسترسلة ولا اختصاص لها بزمان. انتهى كلامه.
  (وقيل بالوقف) فيه لغة كما قاله الأولون، وفي الامتثال به (إن بادر) أو لم يبادر؛ لاحتمال وجوب التراخي أو الفور، وهذا مذهب غلاة الواقفية كما بيناه، وقد قيل: إن التوقف في امتثال المبادر خرق للإجماع.
  وقد فسر الوقف بأنه مشترك لفظي بين الفور والتراخي، فيتوقف(٣) فيه لتجرده عن القرينة كما هو المفروض، وقد نقل هذا القول عن المرتضى الموسوي.
(قوله): «المقتضى» على صيغة اسم المفعول.
(قوله): «ومستلزم الباطل» المستلزم هو جواز التأخير، والباطل هو التأدي إلى أقسام باطلة، وهو اللازم، وببطلانه يبطل المستلزم، فما ذكره المؤلف # إشارة إلى بطلان اللازم، فهو كما لو قال: والتأدي إلى أقسام باطلة باطل فيبطل الملزوم.
(١) فيجب عند الإمام البدار إلى الفعل ليخرج المأمور عن العهدة بيقين، ولا ينافي ذلك ما يدل عليه قوله: فالذي أقطع به إلى قوله: فيه التوقف من عدم وجوب المبادرة، بل المنافي لعدم وجوب المبادرة وجوبها لذاتها، بمعنى أن أصل الخروج عن العهدة يتوقف عليها لا وجوبها للخروج يقيناً فليس بمناف. اهـ نقل هذا من شرح العضد وجواهر التحقيق بالمعنى، والله الموفق.
(٢) وبعضهم رأى التأثيم في التأخير. (من منتهى السؤول والأمل على المختصر للنيسابوري).
(٣) يقال: إذاً يصير مجملاً، والأمر إنما يقتضي وجوب مقتضى الفعل، فيلزم أن لا يفعل أحدهما إلا بأمر يعينه.