[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  (قيل:) الأمر بالشيء قد يكون مع الغفلة عن ضده فلا يكون منهياً عنه(١)؛ لأن النهي عن الشيء (يلزم) منه (تعقله).
  (قلنا:) ما ذكرتموه من لزوم التعقل (ممنوع) فيما نحن فيه؛ لأنا لا نسلمه في كل منهي على الإطلاق، بل في المنهي بالأصالة لا بالواسطة (وقد تقدم) نظيره في مسألة مقدمة الواجب(٢).
  احتج (الثالث(٣)) وهو المخصص بأمر الوجوب دون أمر الندب بوجه له فيه مقامان: أما الأول: فلأن (أمر الوجوب يستلزم الذم على الترك) لأنه طلب فعل يذم على تركه اتفاقاً، ولا ذم إلا على فعل(٤)، وما هو هاهنا إلا الكف عنه أو فعل
(قوله): «المخصص بأمر» الجار متعلق بالمخصص، وقوله: بوجه متعلق باحتج.
(قوله): «وأما الثاني» أي: المقام الثاني.
(١) واعترض عليه بأنا لا نسلم انتفاء اللازم وحصول القطع بطلب حصول الفعل مع الذهول عن الضد، وإنما يصح لو أريد الضد الخاص الذي هو جزئي من جزئيات ما لا يجامع المأمور به كالقعود بالنسبة إلى القيام، وأما لو أريد الضد العام أعني أحد الأضداد لا على التعيين فلا؛ إذ الطالب إنما يطلب الفعل إذا علم أن المأمور متلبس بضده العام لا بالفعل نفسه، والعلم بعدم تلبسه بالفعل[١] مستلزم لتعقل الضد. والجواب: أن جواز الذهول عن الضد العام أيضاً ضروري نجده من أنفسنا، وما ذكرتم لا يدفعه؛ لأن الأمر طلب الفعل في المستقبل، وهو لا ينافي التلبس به في الحال حتى يفتقر إلى العلم بتلبس المأمور بالضد العام. (شيخ لطف الله | [والتصحيح منه ومن السعد].
(٢) هي قوله: «مسألة: قيل ما لا يتم المطلق إلا به ... إلخ».
(٣) بأن أمر الوجوب يستلزم النهي عن الضد دون غيره بأن الأمر إذا كان للوجوب استلزم الذم على الترك؛ لأن معنى الوجوب خلاف الندب. قلنا: وجه العموم ما سبق من أن الأمر طلب الفعل إيجاباً أو ندباً، ولا يتم إلا بترك ضده، فاستلزم النهي عن ضده مطلقاً. ودليل المذهب الرابع القائل بأنه ليس نهياً عن ضده ولا يستلزمه مطلقاً. وجوابه: ما تقدم فيما لا يتم المطلق إلا به من أن إيجاب الشيء لا يتعداه إلى غيره إلا بدليل، وإلا لزم الأمر بما لا يشعر به. وجوابه: أن ذلك مسلم فيما لا يستلزمه الأمر، وأما ما استلزمه فإنه يتعداه، فيكون إيجاب أحد المتلازمين إيجاباً للآخر كما تقدم. (شرح غاية لجحاف).
(٤) لأنه المقدور. (عضد).
[١] هكذا في شرح الفصول، وفي حاشية السعد: والعلم بتلبسه بالضد مستلزم.