هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 543 - الجزء 2

  (وأما عدم دلالته) أي: النهي على الفساد (لغة فلأن الفساد) للشيء (عبارة عن سلب الأحكام) له، أي: عدم ترتب ثمراته وآثاره عليه (ولا يفهم منه) أي: من النهي (لغة قطعاً) يعني أن لفظ النهي ليس فيه ما يدل على الفساد من جهة اللغة أصلاً يعلم ذلك قطعاً، فإنه لو قال: لا تبع هذا ولو فعلت عاقبتك ولكن تترتب عليه أحكامه لم يكن ظاهراً في التناقض⁣(⁣١).

  (قيل:) في الاحتجاج للقائلين بأنه يدل على الفساد لغة ما ذكرناه في دلالته شرعاً من الإجماع، وهو أنه (فهمه السلف) من النهي لغة، ولذلك لم يزالوا يستدلون بالنهي عليه.

  (قلنا:) لا نسلم أن احتجاجاتهم بدلالة النهي على الفساد لفهمه منه لغة، بل لفهمه منه (شرعاً) لما تقدم من الدليل على عدم دلالته عليه لغة.

  (قيل) في الاحتجاج لهم ثانياً: قد ثبت أن (الأمر يقتضي⁣(⁣٢) الصحة) بما مر من أن الصحة موافقة الأمر (والنهي نقيضه، فاقتضى نقيضها) وهو الفساد؛ لوجوب


(قوله): «عبارة عن سلب الأحكام له» أي: للشيء، ولو قال: عن سلب أحكامه لكان أظهر، لكن المؤلف # آثر الاختصاص لئلا يحتاج في متن المختصر إلى ذكر ما عاد إليه الضمير، أعني لفظ الشيء.

(قوله): «أي عدم ترتب ثمراته وآثاره عليه» وهذا يتناول فساد العبادات والمعاملات؛ لأن حكم العبادة حصول الامتثال أو سقوط القضاء.

(قوله): «لم يكن ظاهراً في التناقض» هكذا في شرح المختصر، أراد أن كون التناقض ظاهراً كاف في نفي ظهور⁣[⁣١] دلالة النهي على الفساد. وعبارة الحواشي: وليس بتناقض اتفاقاً.

(قوله): «والنهي نقيضه» والنقيضان مقتضاهما نقيضان؛ فلذا قال المؤلف #: «فاقتضى» أي: النهي «نقيضها» أي: الصحة، وهو الفساد.


(١) إن كان دعوى القائل: إن ذلك من قبيل الظاهر في الفساد لغة فله أن يجيب على هذا بما سيجيب المؤلف # من حجة الرابع فتدبر. (من خط المولى ضياء الدين زيد بن محمد ¦).

(٢) أقول: فيه بحث؛ لأن الصحة ليست إلا موافقة الأمر، فالصحة عند كل آمر هي موافقة أمره، وذلك مقتضى نفس الأمر. نعم، الصحة الشرعية موافقة أمر الشارع، وبالجملة كل أمر بحسب اللغة مع قطع النظر عن الشرع يدل على الصحة عند الآمر وموافقة أمره؛ ولهذا من لم يقل بالشرع إذا امتثل زيد لأمر أحد يقول: إنه صحيح عند الآمر بذلك الأمر. (ميرزاجان).


[١] الظاهر أن يقال: كاف في ظهور ... إلخ؛ لأنه لو تناقض ثبت أن النهي يدل على الفساد.