[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  مرجوحة أو مساوية، لا جائز أن تكون مرجوحة أو مساوية (لامتناع النهي في التساوي ومرجوحية حكمته) لأنهما مع التساوي متعارضان فيتساقطان، فيكون فعل المنهي عنه كلا فعل، فيمتنع النهي عنه، وامتناعه مع كونها مرجوحة أولى؛ لفوات الزائد(١) من مصلحة الصحة، وهي(٢) مصلحة خالصة.
  (و) لا أن تكون مصلحة النهي راجحة؛ لامتناع (الصحة في رجحانها) لخلو الصحة عن المصلحة(٣) أيضاً، بل لفوات الزائد من مصلحة النهي، وأنه مصلحة خالصة.
(قوله): «ولا أن تكون مصلحة النهي ... إلخ» أي: ولا جائز أن تكون، فهو عطف على قوله: لا جائز أن تكون مرجوحة.
(قوله): «في رجحانها» أي: في رجحان مصلحة النهي.
(١) أي: لعدم تحقق ما كان زائداً من مصلحة الصحة في جانب النهي، وهذه الزيادة مصلحة خالصة لا يعارضها شيء، فيبقى النهي بلا مصلحة أصلاً فلا يجوز. (ميرزاجان).
(٢) أي: القدر الزائد من مصلحة الصحة مصلحة خالصة لا معارض لها من جانب الفساد؛ لأن التقدير أن حكمة النهي مرجوحة. (سعد). وكذا قوله: وأنه - أي قدر الرجحان من مصلحة النهي - مصلحة خالصة لا يعارضها شيء من مصلحة الصحة، ففواتها يوجب امتناع الصحة بطريق الأولى. (سعد).
(٣) ورد بأن الصحة ترتب ثمرة الفعل عليه، وذلك ثابت بحكم البراءة الأصلية لا بحكمة طلب اقتضاها؛ إذ لا طلب[١] فلا تعارض بين حكمتين، إنما يلزم الحكمتان لو كان هناك أمر ونهي ليكون لكل منهما حكمة، وقد علمت أنه لا يصح تعلق الأمر والنهي بمحل واحد، ولو سلم فمرجعه إلى التخيير كما تقدم، وكون قبح الفعل الذي دل عليه النهي مانعاً للثمرة لا يثبت إلا بدليل شرعي غير مجرد النهي؛ لأنه إنما يدل على القبح لا غير، ويجوز كون الشيء حسناً قبيحاً باعتبارين كما علمت في الصلاة في الدار المغصوبة، فلا يثبت البطلان إلا بنص نحو: «فنكاحها باطل باطل» أو بفوات شرط للفعل ثبتت شرطيته بدليل غير مجرد النهي، لا كما يتوهم أن إباحة مكان الصلاة شرط في صحتها لكون الغصب منهياً عنه، أو بتصريح بمانع للثمرة نحو: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» أو بنفي للفعل يتعين فيه نفي الصحة، نحو: «لا طلاق في إغلاق» أي: إكراه ونحو ذلك، وبالمعارضة بالنهي لأمر خارجي فإنه لا يقتضي الفساد وفاقاً مع أن ترديدكم جار فيه، فما هو جوابكم فهو جوابنا. (من عصام المتورعين وشرحه إبلاغ المتطلعين للسيد حسن الجلال).
[١] قوله: «إذ لا طلب إلى قوله: لو كان هناك أمر ونهي» يقال: ثمة أمر، وهو عموم طلب الصلاة والصيام كما سيأتي في تقرير المذهب الثالث، ثم البراءة عن المانع وعدم وجود مدرك شرعي؛ لما تقرر أن عدم المدرك الشرعي دليل شرعي فيحتاج إلى وجه الحكمة فينظر، والله أعلم. (نسب إلى السيد العلامة أحمد بن إسحاق بن إبراهيم).