[فصل: في ذكر العام]
  وقوله: «الدالة دفعة على جميع ما تصلح له» يخرج نحو: «زيد»؛ لما في لفظ «جميع» من التنبيه على تعدد ما تطلق الكلمة عليه وتصلح له، ويخرج المعهودين وهؤلاء؛ لما فيه من الإشعار بالشمول والإحاطة لما تصلح له، ويخرج النكرات في الإثبات وحداناً وتثنية وجمعاً عدداً كانت أو غير عدد، فإن رجلاً مثلاً يصلح لكل ذكر من
(قوله): «وقوله الدالة ... إلخ» يعني أن هذا اللفظ يخرج أموراً، لكن خروج بعضها بلفظ الجميع وبعضها بلفظ دفعة وبعضها بقيد الصلوح، فإخراج ما ذكر من الأمور بالنظر إلى ما اشتمل عليه هذا اللفظ من القيود، وليس المراد أن كل واحد من هذه الأمور يخرجه مجموع هذا اللفظ. وينظر لم قدم المؤلف[١] # الاحتراز بالقيد الثاني على الأول؟ والفرق بينهما أن الجميع يصدق مع الشمول على سبيل البدل كما أشار إليه المؤلف بقوله: لكل ذكر، بخلاف قوله: دفعة، ولأن قيد الجميع يخرج المعهودين، بخلاف قوله: دفعة.
(قوله): «يخرج نحو زيد» مما مدلوله معنى متحد لا تعدد فيه، وأراد المؤلف # أنه خارج بهذا القيد وإن خرج أيضاً بقيد الصلوح؛ إذ لا محذور في ذلك، وإنما ذكر المؤلف # إخراجه بهذا القيد دون قيد الصلوح لتقدم هذا القيد، ولم يرد المؤلف # أنه خارج بهذا القيد فقط وأنه داخل في قيد الصلوح؛ إذ لا يصح ذلك؛ لأن المراد صلوح الكلي، وزيد ليس بكلي. واعلم أن خروج نحو زيد بما ذكر إنما هو بالنظر إلى دلالته على معناه الشخصي، وأما بالنظر إلى أن معناه ذو أجزاء فخروجه بقيد الصلوح فقط؛ لأنه دال على جميع تلك الأجزاء دفعة كدلالة عشرة على أجزائها، لكنه لا يصلح لها صلوح الكلي للجزئيات، بل صلوح الكل للأجزاء، وسيتضح لك المراد عند قول المؤلف #: ومنه يعلم عدم ورود نحو عشرة ... إلخ.
(قوله): «لما في لفظ جميع من التنبيه ... إلخ» لأن الشمول والإحاطة إنما يتحققان مع التعدد، فيكون الاحتراز بناء على ملاحظة أخذ التعدد قيداً في الحد ليتم ما ذكر، كأنه قيل: الكلمة المتعدد ما تصلح له. واعلم أن المؤلف # أخذ قيد الصلوح من حد أبي الحسين، وقد أورد عليه ابن الحاجب وشراح كلامه أنه إن أراد صلوح الكل للأجزاء بمعنى دلالة لفظ الكل عليها وإفادته لها دخل فيه ما ليس بعام من كل لفظ موضوع لمعنى مركب نحو عشرة ومائة بالنظر إلى أجزائهما، بل يدخل فيه نحو زيد وعمرو لتركب معانيها من أجزاء كما ذكره السعد، وخرج عنه ما هو عام قطعاً، كالرجل فإنه مستغرق لجزئيات مدلوله. وإن أراد صلوح الكلي لجزئياته بمعنى صدقه عليها وصحة الإخبار به عنها خرج ما ذكرنا، وورد عليه خروج ما هو عام من الجموع المعرفة، نحو الرجال والمسلمين المتناول لكل فرد مما ليست بجزئيات لتلك الجموع على ما هو المختار من أن عمومها ليس باعتبار تناولها لجزئياتها التي هي كل جمع جمع، بل باعتبار تناولها للآحاد، إذا عرفت ما ذكرنا فالظاهر أن المؤلف # أراد بالصلوح صلوح الكلي للجزئيات، وهو صحة إطلاقه وصدقه عليها كما يشعر به قوله #: على تعدد ما تطلق عليه وتصلح له، وقوله: فإن رجلا يصلح لكل ذكر.
(قوله): «ويخرج المعهودين» نحو: جاءني رجال فقلت للرجال.
(قوله): «لما فيه» أي: لما في لفظ الجميع من الشمول والإحاطة بما يصلح له، يعني وليس في المعهودين وهؤلاء إحاطة بما يصلحان له، فإنهما يصلحان لغير المعهودين ولغير المشار إليه المعين ولم يحيطا بهما. وقد أخرج ابن الحاجب المعهودين بقيد آخر، وما ذكره المؤلف # أوضح في إخراجهم، يعرف ذلك بمطالعة شرح المختصر وحواشيه.
[١] ولعل وجهه أنه لو أخر لتوهم أنه قيد للصلوح وليس بمقصود. (ح).