[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  بني آدم، لكنه لا يدل على كل ذكر دفعة واحدة، بل على سبيل البدل، وقس عليه رجلين ورجالاً وعشرة وعشرات.
  ومنه(١) يعلم عدم ورود نحو عشرة على طرد الحد كما ذكره ابن الحاجب. والمراد بالصلوح الصدق في اللغة(٢).
(قوله): «الصدق في اللغة» أي: صدق الإطلاق.
(قوله): «والمراد بالصلوح الصدق في اللغة» أي: صدق إطلاق اللفظ كما يشعر بذلك أيضاً قوله: ومنه يعلم عدم ورود عشرة على طرد الحد، يعني كما أورده ابن الحاجب على حد أبي الحسين، فإن إيراده مبني على أن نحو مائة وعشرة تستغرق ما تصلح له صلوح الكل للأجزاء؛ إذ لا يخرج عنه شيء من المتعدد الذي يفيده، وهو معنى الاستغراق، مع أنه ليس بعام، ودفع المؤلف # له مبني على أن المراد صلوح الكلي للجزئيات ليندفع إيراد ابن الحاجب؛ فلذا قال المؤلف #: ومنه يعلم، أي: من معنى الصلوح المستفاد من قوله: فإن رجلاً مثلاً يصلح لكل ذكر ... إلخ، وسيأتي أيضاً في بحث أن الجمع المنكر ليس بعام تصريح المؤلف # بأن المراد صلوح الكلي للجزئيات حيث قال: وشأن العام أن يراد به جميع الجزئيات، إذا عرفت أن مراد المؤلف صلوح الكلي للجزئيات لزم خروج نحو الرجال عن حد المؤلف باعتبار تناوله لكل فرد على ما هو المختار، ولزم كون عمومه باعتبار تناوله لكل جماعة، فيخالف ما بنى عليه المؤلف # في بحث الجمع المعرف حيث قال: واعلم أن الجمع المحلي ... إلخ، والأولى أن يراد صلوح الكلي للجزئيات، ويوجه هذا الصلوح في الجمع المعرف بتوجيه يصح معه تناول الجمع لكل فرد ويندفع به عن كلام المؤلف # الاختلاف، بأن يقال: المراد صلوح اللفظ لأن يراد به جميع جزئيات مسماة كما في الرجل، أو لأن يراد به جميع جزئيات ما اشتمل عليه اللفظ تحقيقاً كالرجال، فإن أفراده هي جزئيات لمسمى رجل المتضمن له لفظ رجال، أو تقديراً كالنساء لأنه بمنزلة الجمع للفظ يراد به المرأة[١]، وقد أشار إلى ما ذكرناه الشيخ |[٢] في شرح الفصول والمحقق التفتازاني في حواشي شرح المختصر، وبما ذكرنا يظهر أن نحو عشرة بالنظر إلى كل فرد من العشرات داخل في قيد الصلوح للجزئيات؛ إذ يصح إطلاقها على كل واحد من العشرات، وإنما خرجت بقوله: دفعة، وأما بالنظر إلى أجزائها التي تركبت العشرة منها فخروجها بقيد الصلوح. وأما نحو زيد وعمرو فخروجه بالنظر إلى معناه الشخصي بقيد الجميع، وبالنظر إلى أجزائه بقيد الصلوح كعشرة بالنظر إلى أجزائها، وإنما وسعنا الكلام في هذا المقام لما فيه من الاشتباه والإجمال لعدم تصريح المؤلف # بتفسير الصلوح، والله أعلم.
(١) قال العضد: لا يخفى عليك أن ما يصلح له عشرة جميع العشرات لا ما يتضمنه من الآحاد، وعشرة لا تستغرقها، إنما تتناولها تناول صلوحية على البدل.
(٢) مطابقة أو استلزاماً، فعموم الأشخاص يستلزم عموم الأحوال والأزمنة والأمكنة إلا لمخصص، كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}[البقرة: ١٨٣] فإن وجوبه عام لأشخاص المكلفين، ويستلزم عموم الأحوالِ كحال الحيض، والأزمنةِ كزمن السفر. وكقوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}[البقرة: ٢٢٣]، فإنه عام لإباحة الزوجات في كل حال حتى حال الحيض وكل زمان حتى نهار رمضان وكل مكان حتى المساجد لولا مخصصها. (طبري).
[١] في هامش (أ): يرادف المرأة.
[٢] وسينقله المحشي فيما يأتي.