هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 564 - الجزء 2

  لتساوي الأمر والنهي والخبر في عموم التكليف.

  احتج (الثاني) وهو القائل بالخصوص: (الخصوص متيقن) لأنها إن كانت له فهو المراد، وإن كانت للعموم فهو داخل في المراد، بخلاف العموم فإنه مشكوك فيه؛ لجواز أن تكون للخصوص فلا يكون العموم مراداً ولا داخلاً في المراد (فكان) جعله حقيقة للخصوص المتيقن (أولى) من جعله حقيقة للعموم المشكوك فيه.

  (قلنا:) ما ذكرتموه (إثبات للغة بالترجيح) وذلك لا يجوز، بل لا تثبت إلا بالنقل كما سبق، ولو سلم فهو معارض بأن العموم أحوط فيكون أولى؛ لأنه إن كان للعموم فالحمل على الخصوص لا يحصل المراد، وإن كان للخصوص فالحمل على العموم يحصل المراد وزيادة، (والاشتراك والوقف تقدما) أي: تقدمت شبهة كل منهما وجوابها في فصل الأمر.

  أما تقرير شبهة الاشتراك على نحو ما تقدم فبأن يقال: إن هذه الصيغ أطلقت على الخصوص تارة وعلى العموم أخرى، والأصل في الإطلاق الحقيقة، فيكون حقيقة فيهما، وهو معنى الاشتراك.

  وتقرير الجواب: أن حمله على المجاز في أحدهما أولى من حمله على الاشتراك؛ لما سبق من رجحان المجاز.

  وأما تقرير شبهة الوقف فبأنه لو ثبتت هذه الصيغ لشيء من العموم والخصوص لثبتت بدليل، واللازم منتف؛ لأن الدليل إما أن يكون عقلياً أو نقلياً، والأول لا دخل له في اللغة كما سبق، والنقلي إن كان آحادياً لم يفد؛ لأن المسألة أصولية مطلوب فيها العلم، والآحاد لا تفيد إلا الظن، والمتواتر لم يوجد، وإلا لما وقع فيه


(قوله): «بأن العموم أحوط» يعني فيما إذا قيل: أكرم العالم وأريد العموم، فإنه لو ترك إكرام البعض خالف مقتضى الأمر، وكذا لا تكرم جاهلا، لكن ما ذكر إنما يتم في الإيجاب حيث يأثم بترك البعض، وأما في الإباحة نحو اشرب الشراب وكل الطعام فلا خفاء في أن الخصوص أحوط؛ إذ لو عمل بالعموم لربما أثم بتناول محرم من الطعام والشراب، ذكره في شرح المختصر وحواشيه، وهذا الاستدلال أيضاً من باب إثبات اللغة بالترجيح، لكن صح الاحتجاج به معارضة لما قالوه.