هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 563 - الجزء 2

  والتحقيق أن التجويز لا ينافي الظهور، وما ذكروه من التأويلات عناد؛ للقطع بأن العموم في مثل قوله تعالى حكاية عن اليهود: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ}⁣[الأنعام: ٩١] إنما فهم من الصيغة لا من أمر خارج.

  احتج (الأول⁣(⁣١)) وهو القائل بالعموم في الأمر والنهي والوقف في الأخبار (لو لم تكن صيغهما⁣(⁣٢)) أي: الأمر والنهي (للعموم لم يكن التكليف عاماً) لكن الإجماع منعقد على أن التكليف لعامة المكلفين، والتكليف إنما يتصور بالأمر والنهي.

  (قلنا: ثبت التعميم) لصيغ العموم في نوعي الكلام من الخبر والإنشاء (بما ذكرنا) من الأدلة، على أن العلامة في شرحه⁣(⁣٣) لمختصر المنتهى ادعى انعقاد الإجماع على تكليف جميع المكلفين بمعرفة أخبار الوعيد ونحوها؛ إذ بمعرفتها يتحقق الانزجار عن المعاصي⁣(⁣٤) والانقياد للطاعات، فلا وجه للفرق حينئذ؛


(قوله): «على أن العلامة في شرحه ... إلخ» حاصل ما ذكره إثبات عموم التكليف في الأخبار بمثل ما ذكروه في الأمر والنهي.

(قوله): «ونحوها» أي: نحو أخبار الوعد والوعيد مما عم معرفته جميع المكلفين، نحو: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٢٨٢}⁣[البقرة].


(١) أي: صاحب القول الأول من الأربعة الأقوال المخالفة لقول الجمهور.

(٢) قوله: «لو لم تكن صيغهما للعموم ... إلخ» إن أراد عموم المأمور به مثلاً فلا يخفى أن عموم الأحكام للمكلفين لا يستلزمه، فقد يتحد المأمور به ويكون التكليف به عاماً، على أن ذلك ربما عاد إلى كون الأمر للتكرار، وإن أراد عموم الأمر للمكلفين ففي حاشية المحقق الشهير بميرزاجان أن التلازم ممنوع، والسند ما مر من أنه علم ذلك من أنه لتمهيد قاعدة أو بقوله: «حكمي على الواحد حكمي على الجماعة» أو تعليق الحكم على الوصف الصالح للعلية أو غير ذلك. ثم إنه لم يعد صيغة الجمع في مثل: صلوا وصوموا من صيغ العموم، ولم يكن منها عند المحققين، فما ذكره مع أنه لم يثبت كان مخالفاً لرأي المحققين، والصواب أن يتكلف ويحمل على أن كون صيغة الأمر والنهي للعموم ليس مثل صلوا وصوموا، بل مثل: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}⁣[آل عمران: ٩٧]، لأنه في قوة الأمر بالحج للناس، ومثل: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}⁣[الإسراء: ٢٣]، لأنه نهي للولد مطلقاً بالنسبة إلى جميع الوالدين، إلى غير ذلك، والتأويل كما أشار إليه تكلف. (من أنظار السيد العلامة هاشم بن يحيى ¦).

(٣) في حاشية: أي الشيرازي. اهـ وكذا العضد والمختصر.

(٤) يحقق الاستظهار بكلام العلامة، فدعواه الإجماع على عموم معرفة الأخبار لا عموم الأخبار أنفسها، والكلام فيه. اهـ يقال: إذا عم وجوب معرفة الأخبار فمن لازمها عموم الأخبار، والله أعلم. الملازمة غير مسلمة؛ لأن العموم في كلام العلامة مستفاد من دليل خارج غير الصيغة، فلا يكون من محل النزاع. (من خط قال: اهـ شيخنا).