هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 599 - الجزء 2

  المدح والذم.

  (قلنا:) لا نسلم ذلك، بل التعميم أدخل فيها؛ فإن المكلف إذا علم أن كل فاجر في الجحيم، وأن كل كانز للذهب والفضة مبشر بالعذاب الأليم - أحجم عن ارتكاب المعاصي وحافظ على واجب الإنفاق، بخلاف ما لو اعتقد أن بعضهم ناجون.

  ثم (إن سلم) ذلك فالتعميم وإن لم يكن أدخل فيها (فلا تنافي) بين التعميم وبين المبالغة حتى يكون القصد إليها مستلزماً لنفي العموم، بل غاية الأمر أن المبالغة تحصل بكل منهما⁣(⁣١) وإن كان عدم التعميم أدخل⁣(⁣٢).

  والتحقيق: أن قصد المبالغة في مقام الحث على الفعل والزجر عنه لا ينافي العموم، بل لا يبعد أن يكون العموم أبلغ في قصدها كما بيناه.

  وأما في غير مقام الحث والزجر فإنهما قد يتنافيان كما في: ضربت الناس كلهم، فإنه إذا حمل على ظاهره من العموم فاتت المبالغة؛ لأنها إنما حصلت من تنزيل ضرب بعض الناس منزلة ضرب الكل.


= تتحقق بذكر ما هو الواقع، وكذا إن اشتق من البلاغة؛ إذ عند كون العموم واقعياً كان التعبير عنه بصيغة تدل عليه حقيقة بياناً لأصل المراد، ولا يكون فيه من البلاغة شيء. أقول: يرجع حاصل النزاع إلى أنه عند ذكر صيغة العموم في مقام المدح أو الذم إذا كان العموم دخيلاً في المدح أو الذم فهل المتبادر منه الحمل على أن ذلك بيان للواقع أو مبالغة وقعت لتحصيل المدح أو الذم كما هو الغالب؛ إذ الغالب في مقام المدح أو الذم أن يزاد على الواقع، فيذكر العام ولم يرد عمومه، فحينئذ حصل التعارض بين الغلبة وبين الحقيقة، ولا شك أن كلاً منهما واقع في فصيح الكلام، إنما الكلام في الظهور، وأما قول المصنف: «ولا منافاة» فيكون عين المتنازع فيه؛ إذ الخصم يقول: المدح والذم يقتضي ظاهراً غالباً أن يزاد على ما هو الواقع، فيذكر العام ولم يرد عمومه فتدبر. (ميرزاجان).

(١) أما بذكر العام مع عدم التعميم وإرادة العموم فلجعل الخاص وتنزيله منزلة الأفراد، وأما إرادة التعميم فلأنه يدل على أن الوصف مطلوباً أو مذموماً في كل واحد من الأفراد، فيدل على كماله أو نقصه، فيكون أبلغ. (علوي).

(٢) لفظ «عدم» لم يثبت في نسخ، وهو ثابت في حاشية السعد، وظنن به سيلان في نسخته.